دراساتصحيفة البعث

الحرب الوحشية على أطفال الشرق الأوسط

صوّت 63 من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في 28 تشرين الثاني الماضي لصالح إجراء مناقشة حول مشروع القرار الذي يدعو إلى إنهاء المشاركة المباشرة للقوات المسلحة الأمريكية في الحرب على اليمن، وتورط الولايات المتحدة في التحالف الإماراتي السعودي. وكان التصويت ضربة للنظام السعودي وإدارة ترامب.

لقد دأب الناشطون المناهضون للحرب على الضغط على أعضاء الكونغرس للاعتراف بالعواقب الرهيبة للحرب الشرسة على اليمن، حيث يتمّ قصف أحياء بأكملها، ما أدى إلى نزوح الملايين من الناس، وقد استهدفت الهجمات الجوية اليومية بشكل مباشر البنية التحتية لليمن، ومنع وصول الغذاء والمياه الصالحة للشرب والوقود والأموال.

في الحقيقة، يتمّ خنق الشعب اليمني بسبب الحصار وقيود الاستيراد، وحتى عندما يكون الغذاء متاحاً، لا يستطيع اليمنيون الحصول عليه، يتمّ استخدام التجويع كسلاح من قبل السعودية والإمارات، ومن قبل الدول العظمى، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي ترعى تسليح كل من البلدين.

مات أطفال العراق وسط صمت غريب ومهين من جانب وسائل الإعلام الرئيسية ومعظم المسؤولين الأمريكيين المنتخبين، ولم يُسمع صوت الاحتجاج في الكابيتول هيل. ولكن الناس في جميع أنحاء العالم بدأوا يعرفون أن الأطفال كانوا يدفعون ثمن السياسات الفاشلة بشكل فظيع، وقد عارض ملايين الأشخاص حرب “الصدمة والترويع” في عام 2003. لكن لا تزال السياسات المسيئة والجشعة تستمر، فقد شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها حروباً دائمة لضمان الاستغلال المستمر للموارد خارج أراضيها. وخلال ما يسمى “الربيع العربي” وبعده، قاوم العديد من اليمنيين إجراءات التقشّف غير العادلة التي أصر مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة على فرضها، وهنا يقول البروفيسور عيسى بلومي: إن أجيالاً من المقاتلين اليمنيين رفضوا الإذعان للغزو الأجنبي والتدخل الأجنبي، وهذا دليل على أن السعودية والإمارات تديران الآن الحرب على اليمن لتعزيز مصالحهما المالية الخاصة. وفي حالة السعودية، يقول بلومي: إنه على الرغم من أن محمد بن سلمان يريد طرح فكرة اكتتاب عام على أسهم شركة النفط الحكومية السعودية، أرامكو، فإن أي مستثمر رئيسي لن يشارك فيه، لأن شركات الاستثمار تعرف أن السعوديين يدفعون نقداً مقابل وارداتهم، بما في ذلك ما قيمته مليارات الدولارات من الأسلحة، لأنهم يستنزفون موارد داخل أراضيهم. يفسر هذا جزئياً الجهود اليائسة للسيطرة على احتياطيات النفط البحرية اليمنية وغيرها من الأصول الاستراتيجية.

تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن معظم الأمريكيين يرفضون الحرب الأمريكية على اليمن، ومن المؤكّد أن الأمن الأمريكي لا يتعزّز باستمرار الولايات المتحدة في ترسيخ سياستها الخارجية المبنية على التخويف والتحامل والجشع والقوة العسكرية الساحقة. إن التحركات التي ضغطت على مجلس الشيوخ الأمريكي لرفض السياسة الخارجية الأمريكية الحالية، فيما يتعلق بالسعودية وحربها على اليمن ستستمر في رفع أصوات الاستنكار والاحتجاج، والضغط على وسائل الإعلام والمجتمع المدني للتأكيد على أن ذبح الأطفال لن يحل المشاكل أبداً.

عناية ناصر