ثقافةصحيفة البعث

حلم سجين

اليوم الذي يصادف تاريخه الأسبوع الثاني من الشهر الأول، كان يوماً قاسياً بعض الشيء، حاولت الهروب من نظراته ولا تدري لماذا، ربما هو الخوف من نظراتها إليه، حقاً لأول مرة تحكمت بقلبها ومشاعرها وفكرت بالهرب، لِمَ الهرب لا تدري، عيناها التي تسعد لرؤياه حاولت الهروب، حياتها عذاب ومرار! حقاً لا تجد أي أمل في حياتها التي كان من أحبته السبب في ضياعها حين أصرت على قرارها، ربما هي نفسها السبب، لا يدري كم كانت سعيدة حين نظرت إليه من بعيد ورأته يراقبها وينتظرها، وكأنه يقول لنفسه: متى ستطل من نافذتها؟ أو ربما يقول متى سيلتقي بها؟ أو ربما يقول لنفسه هل سيلقاها أم لا؟ هي لم ولن تنساه، لم تنس الأيام التي عاشتها معه، لم تنس الماضي ربما هو نفسه بشوق كبير للماضي، لتلك الأيام، إنه بحاجة إلى أحد يهتم به، كما هي بحاجة إلى أحد يشعرها بالأمان، ينتابها إحساس عميق، كم هو بحاجة إليها، ترجوه ألا يكابر، هما بحاجة إلى نسيان الواقع الأليم،  بحاجة إلى الحنان الذي حرمت منه وهي طفلة.

هكذا هي، بحاجة إلى الحنان، بحاجة إلى صدر حنون صادق، تتمنى أن ترتاح من كل شيء، تتمنى أن تتخلص من الماضي الذي دمرها، لا تتمنى بل تحلم بأن تتخلص من أفكارها السوداء التي تقتل كل شيء وتحيله رماداً لا يترك مكاناً للجمال والأحلام الوردية، لِمَ الحيرة التي تعيشها يا ترى؟ هل لأنها لم تره؟ هل لأنها سجينة حبها له؟ أو ربما لأنها تنظر إليه من بعيد كسجين ينظر إلى القمر من خلف النافذة، ويحلم أن ينظر إليه كالطير في الفضاء حراً دون قيود، إنها تنظر إليه كسجينة لا تقدر أن تنظر كما تريد، أصبحت كالطير الذي قصوا جناحيه وتركوه ينظر إلى الطيور كيف تطير، ويحلم أن ينظر إلى الأرض وهو حر طليق. هكذا تحلم أن تكون حرة دون قيود، تريد أن تخرج من السجن الذي رماها فيه منذ سنين، تصرخ وتتوسل إليه أن يفك قيودها ويخرجها من سجنه الذي وضعها فيه، تركها وحدها دون رفيق، أو حتى صديق تشكو له همومها، ترجوه أن يخرجها منه ويجعلها حرة كالآخرين ترسم على وجهها ابتسامة لا تكاد تظهر حتى تنطفئ وتخبو وترى الحياة أشباحاً قاتلة تحاول أن تقتلها وهي سجينة مقيدة، وفي هذا الزمن المتقلب، تنتهي إلى طريق اللاشيء وتموت بسبب حبها وهي سجينة.

تغريد الشيني