تحقيقاتصحيفة البعث

واقــع الأبنيــة المدرســية فــي اللاذقيــة فجوة كبيرة بين المطلوب والممكن

 

لابد من التأكيد بأن مدارس اللاذقية كغيرها من مدارس محافظات القطر هي من أولويات اهتمام الحكومة، رغم الحرب الكونية على قطرنا، وفي إطار خطة الدولة لمعالجة واقع المدارس المستأجرة، وتوزيع المدارس جغرافياً على أكبر مساحة من القرى، وتخفيفاً للعبء على الطلاب للانتقال من قرية إلى أخرى، تم بناء مدارس في بعض القرى لا يتجاوز عدد طلابها 25 طالباً، وهذا يحسب من النقاط الإيجابية جداً ولكن الآثار الاقتصادية الناتجة عنها حالت دون تحقيق العديد من المشاريع، وحسب رئيس دائرة الأبنية المدرسية في اللاذقية المهندس طالب سلمان، تقتصر الدائرة على القيام بالأولويات من الأعمال، والكتلة المالية المخصصة لإجراء أعمال الصيانة لا تلبي الطلبات الملحة لـ 1300 مدرسة موجودة حسب الحلقات الدراسية في المحافظة.

اعتمادات قليلة وديون
أكد سلمان أن الموازنة المخصصة من وزارة الإدارة المحلية الخاصة بصيانة أبنية التعليم لعام 2018 هي 236 مليون ليرة سورية، وديون عام 2017 تعادل تقريباً نصف موازنة العام الحالي، فقد تجاوزت الديون 158 مليون ليرة، وهي قابلة للزيادة بالتأكيد بسبب استمرار أعمال الصيانة الضرورية، إضافة إلى الأعمال المستهدفة لتأمين مياه الشرب، والمرافق الصحية، والإصلاحات الملحة كالماس الكهربائي، وتهديد السلامة العامة، كسقوط الأحجار، وكسر الزجاج، فقد اضطررنا لإصلاح ما لا يقل عن 30 مدرسة جراء العاصفة التي حدثت مؤخراً، وسببت الأضرار بالنوافذ والأبواب في مدارس الريف.

أعمال صيانة
وأشار المهندس سلمان إلى تنفيذ صيانة جزئية لـ 150 مدرسة منذ بداية العام، تجاوزت كلفتها 150 مليون ليرة توزعت على المدارس المتضررة بين مبلغ 50 ألفاً إلى 8 ملايين ليرة حسب الحاجة، فعلى سبيل المثال وصلت كلفة مدرسة ظافر ديوب في كرسانا إلى ما يزيد عن 8 ملايين ليرة، وهناك صيانة كاملة، يقول سلمان: لقد تمت صيانة 27 مدرسة بالكامل ضمن عقود الخطة الاستثمارية في 12 عقداً، ووصلت كلفتها إلى 164 مليون ليرة، إضافة إلى صيانة أربع مدارس، وعقد تأهيل روضة البرجان في منطقة جبلة بتمويل من الهيئة العامة لأبنية التعليم بدمشق.

الأولويات
وتحدث سلمان عن اجتماع الخريطة المدرسية لدراسة طلبات بناء المدارس، وتوضع فيه خطة بناء الأبنية المدرسية، ويحضره ممثّلون عن التربية، والخدمات الفنية، ومديرية التخطيط، وعضو المكتب التنفيذي لشؤون التربية، حيث تؤخذ بعين الاعتبار الأولويات في أعمال الصيانة، ومعالجة جميع ما من شأنه تهديد السلامة العامة، وتتم المباشرة بأعمال الصيانة بناء على البيانات الإحصائية لدائرة التخطيط والإحصاء حسب توفر العقار اللازم للبناء، لكن هناك عجزاً كبيراً بسبب عدم توفر الاعتمادات لتنفيذ خطة البناء، وتوجد ثلاثة أبنية جديدة تقوم الخدمات الفنية بتشييدها، وهي: بستان الباشا، وقبو العوامية، وبستا، وهي قيد التنفيذ.

التعاون مع المنظمات الدولية
أوضح رئيس الدائرة بأن التعاون مع المنظمات الدولية هذا العام لم يكتمل، فقد تم إيقاف مشاريع لصيانة 26 مدرسة موزعة في مناطق اللاذقية من: الشامية- البسيط– اللاذقية– صلنفة– القرداحة والحفة، وبعد إجراء كشوف تقديرية لصيانة هذه المدارس بتمويل من اليونيسيف، وبعد الموافقة من قبل المنظمة، والتنسيق مع مديرية التخطيط والتعاون الدولي في وزارة التربية، وبعد تنظيم عقود ومناقصات، تم إبلاغنا هاتفياً بوقف إجراءات التعاقد لامتناع المنظمة عن تأمين التمويل اللازم، ولفت سلمان إلى أنه لا يمكن تغطية الحاجات لهذه الأبنية، فهناك عبء كبير بسبب خروج 86 مدرسة في المحافظة عن الخدمة، وتمت مخاطبة وزارة الإدارة المحلية كونها لا تدخل خطة الصيانة، وهذه المدارس بحاجة للجنة إعادة الإعمار، ولتمويل ضخم. وتابع بالقول: تم تأهيل مدرسة جهاد نصور في البهلولية من قبل بطركية الروم الأرثوذكس، وقامت منظمة إسعاف أولي الدولية بتأهيل سبع مدارس في منطقة صلنفة، وهي قيد الاستلام حالياً بصيانة شاملة، إضافة لاستلام أربع مدارس من قبل بطركية الروم الأرثوذكس.

مدارس متضررة
وبيّن سلمان أنه توجد مدارس عمرها 30 عاماً، وهي بحاجة لإعادة تأهيل كمدرسة الدامات، وخربة الجوزية، وفدرة، وتم تشكيل لجان مسح لكافة مدارس المحافظة للوقوف بشكل دقيق على واقع الأبنية المدرسية، وتنظيم استمارة خاصة مفصلة بكل مدرسة، وتفريغها الكترونياً لتشكيل قاعدة بيانات شاملة لتسهل معالجتها، كما تمت المباشرة بهذا العمل منذ حوالي أربعة أشهر، وسيتم الانتهاء منه قريباً، ويوجد قرار هدم لمدرسة النملة في البسيط، وحسب كشف الخدمات الفنية عمل الدائرة شاق، وحجم العمل كبير لتلبية حاجات مدارس المحافظة بسبب ضعف الموازنة والاعتمادات المخصصة لصيانة الأبنية، وارتفاع تكاليف الصيانة للمدارس القديمة بشكل خاص، وتوجد دراسة للجدوى الفنية والاقتصادية لتأهيل بعض المدارس التي تضررت بشكل كبير بسبب الحرب على سورية كمدرسة كفرية.

معوقات
وعن معوقات العمل قال سلمان: معوقات العمل كبيرة تبدأ بنقص الموازنة والاعتمادات المخصصة للصيانة، وحجم العمل الكبير الموزع على كامل المحافظة، فهناك فجوة كبيرة بين المطلوب والإمكانية، وارتفاع تكاليف الصيانة للمدارس القديمة بشكل خاص، وتوقف أعمال الصيانة للمدارس المتضررة بسبب الأزمة الذي أدى إلى تراكم، كما أن أعمال الصيانة لا تتوقف، فقد يأتي في اليوم ما يزيد عن 30 طلباً للصيانة بسبب الأحوال الجوية، كما حصل مؤخراً جراء العاصفة، أو حدوث ماس كهربائي، ولا يمكن إهمال أي طلب يهدد السلامة، وأيضاً من المعوقات أجور النقل الباهظة التي لا تكفي للوصول إلى المدارس في القرى البعيدة.

اقتراحات
واقترح سلمان تنفيذ الأبنية المدرسية على أعمدة كما هو موجود في بعض مدارس المدينة، واستخدام الطابق الأرضي كملعب شتوي، واستراحة للطلاب من برد الشتاء وحر الصيف، وبالإمكان استثماره كصالة متعددة الأغراض، وأن تكون دورات المياه جزءاً من كتلة بناء المدرسة، ما يتيح لإدارة المدرسة سهولة الإشراف بشكل أفضل.

ولنا كلمة
لابد من التنويه بما توليه الحكومة من اهتمام كبير بالواقع التعليمي، وبناء مدارس في جميع أرياف اللاذقية، والقيام بأعمال الصيانة، ولكن ذلك لا ينفي وجود 106 مدارس مستأجرة كلياً أو جزئياً، ومدارس سيئة الوضع، والإسراع بتشييدها أمر ضروري، وحاجة ملحة بما يليق بالمؤسسة التربوية، والمطلوب زيادة الدعم المالي المخصص لصيانة الأبنية المدرسية، مع لفت النظر إلى أن الجهات المسؤولة عن الأبنية المدرسية متعددة، وقد يضيع تعب جهة ما على حساب الأخرى!.
عائدة أسعد