اقتصادصحيفة البعث

“أزمات” لتجميع الثروات..!؟

لم يعد مقبولاً ولا بأي منطق، أن يتكرر ما يحدث في موضوع الطاقة، وأن نجعل من ثلاثيتها “المازوت والغاز والكهرباء” في كل مرة أزمة، يبدو أن هناك من يتقصَّد فبركتها..!؟.
فالملاحظ ولاسيما في فصل الشتاء، حدوث هذه أزمة، إن جاز لنا وصفها بالأزمة، تظهر فجأة دون سابق إنذار أو مبرر، لتحدث بلبلة سوقية واجتماعية، وكأن مواطننا ذا الدخل المهدود، كان ينقصه معاناة معيشية فوق معاناته “المعاشية” المتمثلة بعجز غير مسبوق في دخله الشهري، مقارنة بمتطلبات حياته الأساسية اليومية، ومنها مواد الطاقة، وما تشكله من نسبة كبيرة من فاتورة إنفاقه الشهرية والسنوية..!.
فإن يصل سعر أسطوانة الغاز المنزلي إلى خمسة وستة آلاف ليرة وحتى أكثر، هذا إن توفرت، لهو أمر غاية في الغرابة، خاصة إن علمنا بأن وزير النفط نفسه، كان قد صرح في بداية الشهر الماضي، أن إنتاجنا من الغاز وصل إلى 16.5 مليون متر مكعب يومياً، في حين كان إنتاجنا قبل الأزمة 10.3 أمتار مكعبة يومياً..!.
وعلمنا أيضاً، أنه في بداية مرحلة 2017 كانت كل المناطق النفطية خارج السيطرة، ومع خطوات التحرير للجيش العربي السوري، أصبحت بنهاية 2018 أغلب منشآتنا النفطية محررة، خصوصاً مناطق جنوب الفرات، وغير ذلك تصريحات على لسان الوزير نفسه!.
معلومات وأرقام تعني في جملة ما تعنيه، أن هناك تحسنا ملموسا “على الأقل” في المؤشرات الإنتاجية والتشغيلية، وهذا منطقياً يفترض أن ينعكس إيجاباً على توفر مشتقات الطاقة، ونخص مادتي المازوت والغاز، وعلى استقرار انسيابية تلك المواد في السوق واستقرار أسعارها “مع تحفظنا على الأسعار”، وبالتالي توفرها، والاستقراراً في تزويد محطات توليد الطاقة الكهربائية بمادة الغاز، إن لم نقل نمواً، ما يعني بالمحصلة استقراراً في كميات الكهرباء المنتجة، مع أخذنا بالحسبان موضوع “الذروة”.
لكن على ما يبدو أن المفترض أن يكون وبناء على ما تقدم، ليس مفترضاً!، وأن هناك حسابات تحسب كل شيء، لكن تنسى أن تحسب حساب الشريحة الأكبر، الأضعف اقتصادياً!.
ولو أردنا أن ندلوا بدلونا المنطقي، بعيداً عن الاتهام والتشكيك فيما يحدث ومن يقف خلفه، نقول: إن تخصيص العائلة السورية بـ 400 لتر مازوت موسمياً، على دفعتين، وبسعر نحو 80 ألف ليرة سورية، دفع الشريحة الأوسع المستضعفة مادياً، إلى المفاضلة بين مواد الطاقة الثلاث (المازوت والغاز والكهرباء)، انطلاقاً أولاً: من السعر، وثانياً: السهولة في الحصول على أي منها.
في ضوء هذا الحال والواقع، كان الخيار إسقاط مادة المازوت من المعادلة لشريحة هامة في المجتمع، نتيجة للسعر غير المقدور عليه، وبالتالي تحوّل قسم منها للغاز والآخر للكهرباء كمصدر للتدفئة بديلاً عن المازوت، ما أدى إلى تحامل على المذكورين، استناداً لحسابات النسبة والتناسب مع الدخل، وبالتالي حدوث ما يتكرر حدوثه سنوياً، وهذه مشكلة لا بد من حلها.
رأينا الآنف، اعتمدنا فيه المنطق الاقتصادي، إلاَّ أن غياب المنطق في كثير مما نشهده من اختناقات ونمر به من أزمات، يجعلنا نتساءل حول حقيقة ما يحدث ولماذا يحدث؟، ومن يصنع أو يصطنع الحدث ولأي غاية؟، في مرحلة غدا استنباط الوسائل لإحداث الأزمات مدخلاً لتجميع الثروات..أزمات على وزن انقطاعات لإنعاش سوق اللدات والبطاريات ..كما يتردد في الشارع ..وللشارع عين تلتقط أدق التفصيلات ..هي عين المعاناة.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com