تحقيقاتصحيفة البعث

إلى واجهة الاهتمام حزمة إجراءات وتسهيلات تسويقية لتصريف فائض الحمضيات.. وتحقيق الانفراج الاقتصادي

يطرح التحريك المتواتر تدريجياً للمياه الراكدة في التسويق الزراعي على نحو مكثف هذه الآونة رهان الفاعلية التسويقية الملموسة من المزارع المنتج قبل غيره، واستعادة الثقة بإمكانية حصول انفراج حقيقي في التسويق المأزوم والمتعثر بالحساب الاقتصادي منذ سنوات طويلة تباعد خلالها الفارق الكبير بين الإنتاج المتزايد والمتضاعف، والتدني المستمر في مؤشرات التسويق الزراعي، وبصرف النظر عن المأخذ الذي يعتري هذا التحريك “الموسمي” لملف التسويق بتزامنه مع قرب نضوج المحاصيل المتعثرة تسويقياً، ولاسيما محصول الحمضيات، إلا أن الدفق الكثيف للتصريحات والتطمينات التي ترشح تباعاً عن اجتماعات التسويق غالباً ما يحمل جرعة أمل جديدة لدى المزارعين المنتجين الذين، رغم معاناتهم التسويقية المزمنة، ينظرون إلى النصف المليء من الكأس مع كل موسم جديد تماماً كحال الموسم الحالي الذي نشهد فيه زخماً عالياً من الإجراءات المعلن عنها في أروقة الاجتماعات المركزية والمحلية لوضع التسويق الزراعي على السكة الصحيحة بهدف الوصول إلى العتبة الاقتصادية كونها غاية المزارع المنتج ومبتغاه، ليتمكن من توديع الخسائر المتلاحقة خلال المواسم السابقة.
خيارات عديدة
وما يستوقف المتتبع لهذا الملف الهام في الموسم الحالي هو تعدد الإجراءات المزمع اتخاذها من المؤسسات المعنية لتحريك العجلة التسويقية على أكثر من صعيد، وفي غير اتجاه دفعة واحدة، مع جاهزية باتت قاب قوسين أو أدنى لوضع كل الإجراءات موضع التنفيذ، بما في ذلك المتعلقة بالحركة التصديرية التي تشكّل بكل المعايير والمقاييس، وفي كل الحسابات، قارب النجاة الحقيقي لمحصول الحمضيات، والسبيل الأقرب والأسرع لتخليصه من فائضه الكبير الذي يشكّل نحو نصف كمية الإنتاج سنوياً.

المعالجة التسويقية
دخلت هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات على خط المعالجة التسويقية مع انطلاقة موسم الحمضيات الحالي بالتشبيك مع الفلاحين المنتجين من خلال محافظة اللاذقية التي يشكّل محصول الحمضيات شغلها الشاغل لكثرة تداعياته الاجتماعية، والاقتصادية، والتشغيلية، ولهذا استأثرت أولويات دعم عجلة تصدير المحصول، وتحقيق برامج عمل تكاملية تشاركية بين المزارعين المنتجين والمصدرين، والسبل الكفيلة بتأمين احتياجات خطة تسويق الحمضيات التي أقرتها الحكومة، ولتسهيل إجراءاتها بما ينعكس إيجاباً على المزارعين، وزيادة الكميات التصديرية، بالحيز الأوسع من لقاء حواري نوعي موسع حضره جميع المعنيين بحلقتي الإنتاج والتسويق، واتحاد فلاحي المحافظة، وعدد من المصدرين الذين عرضوا للهواجس والصعوبات التي تكتنف العملية التصديرية، وأفصحوا في الوقت نفسه عن متطلبات نجاحها، وسبل تخطي العقبات التي تعترضها، مع الإشارة إلى العديد من القضايا والمسائل والمؤشرات حول الواقع التصديري للحمضيات.

تفعيل خط التصدير بحراً
أجمل المصدرون مطالبهم بضرورة تفعيل خط للنقل البحري، وتسهيل الإجراءات التصديرية في المرفأ، وتشكيل لجنة لحضور التحميل في المشاغل بالتعاون مع الجهات المعنية بالتصدير لحماية الثمار ضمن ساحات المرفأ، ووضع روزنامة زراعية، وحصر التصدير بوقت نضوج الثمرة، واعتماد فرع هيئة دعم وتنمية المنتج المحلي والصادرات لتسجيل عقود المصدرين.

حزمة تسهيلات منتظرة
وفي مقابل هذه الطروحات المقدمة فإن في جعبة الجهات المعنية حزمة تسهيلات أفصح عنها مدير عام هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات الدكتور إبراهيم ميده الذي أورد في سياق هذه التسهيلات بنود قرار منح الدعم الذي أقرته الحكومة بتقديم 1600 دولار لكل شاحنة تصدر براً، أو حاوية بحراً، مع إمكانية فتح سجل رسمي بفرع الهيئة في اللاذقية لتسهيل تسجيل عقود المصدرين في اللاذقية، مبيّناً أن الاجتماع يهدف لوضع حلول لتصريف محصول الحمضيات بمختلف أنواعه، وتبسيط الإجراءات أمام المصدرين، مع وضع برنامج عمل متكامل.
ريعية المزارع أولوية
أما محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم فمن جهته طمأن المصدرين بتقديم كل الدعم لهم، والمساعدة في معالجة المشكلات والصعوبات، وكل ما من شأنه أن يسهم في دفع عملية التسويق براً أو بحراً عبر تسهيل الإجراءات في المرفأ، ومحطة الحاويات، وتوزيع المازوت على مشاغل فرز وتوضيب الحمضيات المرخصة وفق حاجتها، موضحاً أن أي إجراء يجب أن ينعكس على المزارعين بشكل مباشر، لاسيما أن مؤشرات الإنتاج المسجلة في مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي حول واقع التسويق الحالي للحمضيات تعكس تحسناً في الأسعار عنها في العام الماضي بجميع الأصناف، عدا الحامض، مع وصول الكميات المصدرة إلى حوالي 80 ألف طن، موضحاً في الوقت نفسه أن الإنتاج المحلي للحمضيات هو الأفضل عالمياً.

خدمات تسويقية
فيما أوضح مدير فرع المؤسسة السورية للتجارة المهندس سامي هليل أن الفرع، ودعماً للمسوقين، سيضع آلياته في خدمة تسويق الحمضيات عبر نقل حوالي 200 طن مجاناً من أماكن الإنتاج إلى المشاغل، مع وضع إمكانياتها بتخزين حوالي 3 آلاف طن، وفرز حوالي 1500 طن يومياً في خدمة المسوقين.
رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية حكمت صقر بيّن أن الوضع في السوق حالياً /جيد/ من حيث السعر، والكميات المسوقة، وفي حال تم تطبيق ما توصل إليه هذا الاجتماع فإن تسويق الحمضيات هذا العام سيكون بواقع أفضل ومبشر للمزارعين، وأكد على أهمية الدعم الذي أعلنت عنه الحكومة في مجال تسويق الحمضيات، والإجراءات التي تتخذها محافظة اللاذقية في مجال تسهيل عمليات التسويق، معتبراً أن الأسعار الحالية في سوق الهال مناسبة لنوع وصنف الثمرة، مع وجود أسعار أفضل في مراكز الفرز للأنواع الصالحة للتصدير، معرباً عن أمله في الوقت نفسه بازدياد كميات الحمضيات المصدرة إلى خارج سورية مع افتتاح معبر نصيب.
أما رئيس لجنة سوق الهال غسان خير أشار إلى الجهود التي تبذلها المحافظة لدعم تسويق الحمضيات، وتسهيل العمل، وتلبية متطلبات المسوقين، مبيّناً أنه حتى الآن تم تسويق كامل المحصول الوارد إلى السوق.

تفاؤل
وبدوره عضو مجلس الأعمال السوري الروسي المهندس ميسرة الحاجي لفت إلى أهمية الدعم الحكومي للمصدرين، مبيّناً أنه في حال التوصل لإقامة خط نقل بحري يخفف تكلفة النقل، سيكون المصدرون قادرين على تصدير أكثر من خمسين بالمئة من إنتاج الحمضيات إلى الأسواق الروسية، مبيّناً أن الدعم، وإجراءات التسويق الحالية، وحتى الأسعار، هي أفضل مقارنة بالعام الماضي، ولفت إلى أهمية القرار الذي اتخذته محافظة اللاذقية بتزويد مشاغل الفرز والتوضيب بمادة المازوت، مبيّناً أنه يخفض تكلفة عملية التصدير، ويزيد من كمية المواد المسوقة، وبالتالي يصب في خدمة المزارعين.
أما المصدرون، ومنهم المصدر بشار كاملي، فإنهم يعوّلون كثيراً على الجهود الحكومية لدعم تسويق الحمضيات، والتي تكتمل بالتواصل مع الأصدقاء في روسيا إلى تخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على المنتج السوري بما يمكنه من المنافسة في السوق، لاسيما أن المنتج السوري من حيث المواصفة، وخلوه من أي أثر ضار، هو الأفضل على مستوى المنطقة.

أسعار تأشيرية
ومن الأهمية بمكان هنا الإشارة إلى الاهتمام بوضع أسعار تأشيرية لما لهذه الخطوة من إسهام في تمكين المنتج من الوصول إلى محددات مدروسة في اعتماد الأسعار بعيداً عن العرض والطلب، ولذلك فقد حددت اللجان الفرعية المشكّلة لمتابعة عمليات تسويق محصول الحمضيات، بناء على توجيهات رئاسة مجلس الوزراء، الأسعار التأشيرية لشراء محصول الحمضيات من الفلاحين، وتتراوح هذه الأسعار بين 55 ليرة و115 ليرة حسب نوعها وصنفها، وتقوم هذه اللجان بتسعير المنتج، واختيار مراكز التوضيب، وتحديد محاور التسويق في المحافظات، ووضع جداول للفلاحين، وللكميات المنتجة، كما تقوم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدعم عمليات نقل وتسويق الحمضيات، وتوفيرها في الأسواق المحلية بأسعار مناسبة، وتصدير الفائض منها، ‏وحول مؤشرات الإنتاج الزراعي فإن الإنتاج الأولي لمحصول الحمضيات في محافظة اللاذقية خلال موسم 2018-2019 يبلغ 815,8 ألف طن، ويبلغ عدد الأسر العاملة في زراعة الحمضيات 44767 أسرة، وتصل المساحة المزروعة بالحمضيات إلى 33826 هكتاراً، وعدد الأشجار الكلي 10305736 شجرة تشغل نسبة 32% من المساحة الزراعية المستثمرة، فيما يتخطى إنتاج القطر من محصول الحمضيات عتبة المليون طن.

تحسن في التسويق
يؤكد المعنيون بالإشراف على حركة سوق الهال وتسيير العمل فيها أن هناك تحسناً في مؤشرات تسويق محصول الحمضيات بانسيابية أكبر في سوق الهال «سوق الجملة للخضار والفاكهة»، وفي هذا السياق يؤكد رئيس لجنة سوق الهال في اللاذقية غسان خير أن حركة تسويق محصول الحمضيات عبر السوق ارتفعت بمعدل يزيد عن الضعف خلال الأيام الأخيرة، حيث وصلت إلى ما يقارب 1100 طن يومياً، فيما كانت تتراوح كمية التسويق بين 400 إلى 500 طن يومياً، ولفت خير إلى أن سوق الهال يستقطب في معظم الحالات الأصناف بين الجيد والوسط، وأقل من الوسط، ويجري تسويقها بين المحافظات وبأسعار مقبولة تتراوح بين 65 ليرة و100 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد حسب الصنف والنوع، فيما الأصناف الممتازة يجري تسويقها عبر مراكز الفرز والتوضيب التي تذهب بمعظمها نحو التصدير، لاسيما مع افتتاح معبر نصيب الحدودي مع الأردن، مبيّناً أنه يتم التسويق عبر هذه المراكز بحدود 2000 طن يومياً وبأسعار أفضل مما هو عليه ضمن السوق، كما يتم تسويق الحمضيات من أسواق جبلة، وسوق رأس العين بكمية تتجاوز يومياً 500 طن وفقاً لخير الذي أشار إلى أن مجمل الكميات المسوقة من المحافظة تصل إلى حوالي 4 آلاف طن يومياً.
وحسب خير فإن ذروة موسم تسويق الحمضيات تكون خلال شهر كانون الأول، وتمتد لمنتصف شهر كانون الثاني، فيما تشمل أصناف الحمضيات خلال هذه الفترة الكلمنتينا، وساستوما، وأبو صرة، والحامض بأنواعه كالبلدية والماير.
وتقدر مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي إنتاج المحافظة من الحمضيات لهذا العام بـ 850 ألف طن.

دعم احتياجات تسويق الحمضيات
ولأن عملية التسويق تحتاج إلى دعم حركة شحن ونقل المنتجات الزراعية كون تكاليفها باتت مرتفعة وفي تزايد مستمر، أخذت لجنة المحروقات الفرعية في المحافظة على عاتقها تسهيل تسويق الحمضيات بما ينعكس إيجاباً على المزارعين بشكل مباشر من حيث تحسن الأسعار، وزيادة الكميات المسوقة، وأفردت حيزاً واسعاً من عملها عبر اجتماعات متتالية للبحث عن متطلبات مسوقي الحمضيات بين المحافظات التي تتم عبر السوق، وضرورة المتابعة اليومية وبشكل آني لعمليات التسويق، ووضع إحصائية شاملة للكميات والأسعار من جميع الجهات، وأن تكون لجنة السوق صلة وصل بين المسوقين والجهات المعنية بالمحافظة لمعالجة أي خلل في العملية مباشرة، مؤكداً أن أي إهمال في هذا الجانب هو وجه من أوجه الفساد والخلل.
واقترح رئيس لجنة سوق الهال تخصيص مسوقي الحمضيات بين المحافظات بكمية 8 آلاف ليتر مازوت يومياً لتغطية احتياجات السيارات التي تم تنظيمها بموجب قوائم تتضمن كل سيارة وحاجتها وفق خط سيرها بين المحافظات.
وأوضح خير وجود استقرار في أسعار الموسم ضمن السوق، وهي أصناف في معظمها من المتوسط فما دون، مشيراً إلى أنه مع فتح معبر نصيب يتم تسويق يومياً حوالي 1500 طن إلى 2000 طن من المشاغل لأصناف أكثر جودة وبأسعار أفضل.

تقييم تسويقي ميداني
خلصت المشاهدات والملاحظات المسجلة ميدانياً خلال جولة عمل تقييمية لفريق عمل المحافظة للاطلاع المباشر على واقع الأداء التسويقي في موقع سوق الهال بمدينة اللاذقية، إلى قرارات إجرائية لتحسين آلية العمل وضبطه وتسريعه، فتم الإيعاز إلى فرع شركة المحروقات /سادكوب/ لوضع إحصائية بأرقام السيارات العاملة بتسويق الحمضيات بين المحافظات بالتعاون مع لجنة سوق الهال، وتسليم هذه السيارات حاجتها من المازوت بموجب البطاقة الذكية المعتمدة بالمحافظة، ونظراً للشكاوى التي تلقاها المحافظ خلال الجولة حول تسعيرة القبان، فقد أوعز محافظ اللاذقية إلى مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بوضع تسعيرة موحدة بين المراكز تكون عادلة لجميع الأطراف، واعتمادها، وأكد على لجنة سوق الهال بضرورة الالتزام باستثمار المحال وفق الأسس المتبعة في السوق، ومنع الإشغالات، وإلغاء جميع التراخيص الممنوحة لإشغال بسطات في السوق خلال فترة انتخابات الإدارة المحلية لمخالفتها واقع الاستثمار في السوق، ولمعالجة الشكوى التي قدمها تجار وأصحاب سيارات ناقلة للخضار والفواكه، تم الإيعاز بتعبيد وتأهيل الطريق الواصل بين سوق الهال والمنطقة الصناعية مباشرة، على أن يتم الانتهاء منه خلال الأيام القليلة القادمة، وتم التأكيد خلال جولة العمل التقييمية على أن هناك متابعة مستمرة للحركة التسويقية في سوق الهال بين جميع الجهات المعنية، وخاصة بعد التسهيلات الحكومية الأخيرة لتسويق الحمضيات، وتهدف بشكل أساسي للوقوف على واقع التسويق، ومعالجة أية إشكالات أو معوقات لتذليلها أمام المزارعين أو الناقلين إلى المحافظات، لافتاً إلى أن عمليات التصدير الخارجية تتم عبر مشاغل التوضيب والفرز مباشرة التي يتم من خلالها تسويق المادة بأسعار أعلى نظراً لأن الأصناف المطلوبة للتصدير تكون أفضل، ولهذا ستتم معالجة جميع المعوقات، بما فيها الواقع الخدمي في سوق الهال.
وأضاف رئيس لجنة سوق الهال أن الأسعار في المشاغل أفضل مما هي عليه في السوق على اعتبار أن الأصناف التي تصلها أفضل، وتتراوح الأسعار في السوق بين 60 ليرة و 100 ليرة لكل الأصناف، موضحاً أنه يتم تسويق نحو 3 آلاف طن يومياً من اللاذقية تتوزع بين سوق الهال، وجبلة، والمشاغل إلى المحافظات الأخرى، معرباً في الوقت نفسه عن تفاؤله بتحسن التسويق نتيجة فتح أسواق جديدة، ولفت إلى أن المحافظة ستعيد تطبيق توزيع المازوت على السيارات الناقلة للحمضيات مثل العام السابق، إنما عبر البطاقة الذكية، مبيّناً أن هذا الإجراء يشجع التجار على تسويق الموسم بين المحافظات.

مروان حويجة