الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

مشهد درامي.. في المستشفى

بعد غيابٍ لقريبةٍ لي طاعنةٌ في السن لا تحمل هوية ولا هاتف نقال، لساعاتٍ ذهبنا إلى المستشفى القريب في الحيّ، فوجدناها بعد أن صدمها سائق سيارةٍ أرعن في حالةٍ يرثى لها، في غرفةٍ بلا إضاءة على سريرٍ هاربٍ من معترك الحرب، وأوساخٍ مليئة بالمكان، ولعبٍ بالجوال وتناول المكسّرات والابتسامات الساخرة بين الأطباء والممرضين والإداريين، إلى ما هنالك من منظرٌ مقزّز، ونبرةٍ سلبيةٍ وسوء تعامل من الأطباء، فكان حرياً بابنها تقديم شكوى عبر اتصالاته مع المسؤولين عن هذا المشفى ومسؤوليه، وخلال دقائق تتغيّر الأحداث، وينقلب المشهد ويحضر الطبيب المختص، وتنتقل المريضة إلى غرفة عنايةٍ مشدّدةٍ حقيقية، وما هي إلا دقائق حتى دخل مدير المشفى مدججّاً بحراسةٍ كأنّما داخلٌ إلى ساحة معركةٍ وليس أمام أهالي مرضى هدفهم الاطمئنان على مرضاهم، لتكون التعليمات العناية الفائقة بهذه المريضة على أكمل وجهٍ، متجاهلاً دوره بالعناية بجميع مرضاه، تحت ذريعة أنّ لديه يومياً آلاف المرضى، معتبراً المريض رقماً، متناسياً أنّ تسميته وموظّفيه “ملائكة الرحمة”، يتعاملون مع أرواحٍ إنسانية ومواطنٌ يستنشقان معاً هواء الوطن ويعيشان على ثراه المقدّس، لا مجرّد رقماً في سجلاته.

ما زلنا بحاجةٍ لأن يتقن كلٌ منا دوره وعمله، كما أنّنا بحاجةٍ لأن يدرك مواطننا ضرورة تقديم الشكوى لكي تعلم السلطات الأعلى تقصير السلطات الأدنى.

أمينة العطوة