دراساتصحيفة البعث

واشنطن المخرب الحقيقي للنظام متعدد الجنسيات

 

ترجمة: علاء العطار

عن “تشاينا ديلي” 6/12/2018

مع أنها لم تقنع الحلفاء وغير الحلفاء على حد سواء، إلا أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في بروكسل ساهمت في إعطاء ترابط منطقي للسياسة الخارجية الضالة التي تعتمدها واشنطن. وتصريحاته، التي أدلاها في خطاب ألقاه في صندوق مارشال الألماني تُقدّم آراءً قيمة حول نظرة البيت الأبيض إلى عالم اليوم.

وكما أشار متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، فإن وصف بومبيو للصين على أنها “فاعل سيئ” بدا غير متّسق مع الاهتمام المشترك الذي أظهره الزعيمان، الصيني والأمريكي، بتذليل الخلافات، ناهيك عن استحالة إعادة بناء نظام عالمي يستبعد الصين وروسيا وإيران وغيرها.

وقد يبدو خطاب بومبيو مثيراً للضحك للبعض؛ لأن ما يظهر أن واشنطن تريد عزل بكين في الوقت الذي تنأى بنفسها باستمرار عن حلفائها وشركائها المقربين، وحتى حينما حاول طمأنة حلفاء الولايات المتحدة بمصداقية واشنطن كشريك يعتمد عليه، إلا أن بومبيو استخف مجدداً بالمؤسسات الدولية متعددة الأطراف، بدءاً من الأمم المتحدة ووصولاً إلى الاتحاد الأوروبي.

واتهاماته للصين، التي يزعم فيها أنها تستغل الثغرات في منظمة التجارة العالمية لـ “تقوّض” النظام الدولي، وجهها غيره سابقاً وارتكزت على نفس الأسس المهتزة، وردّت بكين بحجج قوية وشرعية، تدعمها أدلةٌ على أنها أوفت بأمانة بالتزاماتها تجاه منظمة التجارة العالمية، وأنها مدافع قوي عن التعددية وعن النظام الدولي لما بعد الحرب – والذي يبدو أن ترامب والبيت الأبيض عازمان على تخريبهما.

ما فعلته واشنطن وما تفعله تجاه النظام الدولي، وتجاه بكين كذلك، واضحٌ للجميع. لكن الكلمات التي تلفظها بومبيو في بروكسل تدل على شيء ما، فعندما يتعلق الأمر بنظرة واشنطن للصين، فإن تصريحات بومبيو ترتبط باستراتيجية الأمن القومي الأمريكية وتقارير استراتيجية الدفاع الوطني ونبرة نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس العنيفة تجاه الصين.

وهذه التصريحات لا تظهر في الاتفاقات الرسمية، بل قد تتناقض حتى مع تصريحات البيت الأبيض، وحتى مع تغريدات الرئيس الأمريكي، لكنّ لها مدلولات عديدة، فهي تُشير إلى تحوّل غير معلن في تفكير السياسة الخارجية الأمريكية يتميز بحذر غير مسبوق من الصين، تحوّلٌ سيكون له تأثيرات دائمة على سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين والعلاقات الصينية الأمريكية.

إذا تمكنت واشنطن من تصوير بكين على أنها ضعيفة أو أنها تُعيد صياغة القواعد الدولية بشكل يُعادي المصالح الأمريكية والغربية، وأن تحاول بالتالي “إعادة بناء” نظام دولي يسعى إلى استبعاد الصين، سيكون من الصعب تجنب المواجهة.