الصفحة الاولىصحيفة البعث

موجة تظاهرات خامسة في فرنسا: “ارحل ماكرون”

تحت شعار “ارحل ماكرون” استأنف أمس محتجو السترات الصفراء مظاهراتهم في عدة مدن رئيسية فرنسية للأسبوع الخامس على التوالي احتجاجاً على سياسات الحكومة الفرنسية، فيما استخدمت الشرطة الفرنسية مجدداً الغاز المسيل للدموع لقمع المحتجين وتفريقهم.

السلطات الفرنسية نشرت الآلاف من رجال الشرطة في أنحاء البلاد، ونحو 8 آلاف في العاصمة باريس تحسّباً لموجة جديدة من الاحتجاجات، حيث توعدت حركة المحتجين بسبتٍ دامٍ رفضاً لوعود الرئيس إيمانويل ماكرون مطالبين إياه بالاستقالة، وإجراء استفتاء على المبادرة الشعبية، وماكرون يدعوها إلى العودة للهدوء والنظام.

واحتدمت المواجهات بين الشرطة الفرنسية ومتظاهري السترات الصفر في باريس، واعتقلت الشرطة أكثر من 85 شخصاً، في وقتٍ قالت مصادر: إن الشرطة تقدّر عدد المشاركين في العاصمة  بـ 33000 شخص.

ويطالب المحتجون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتنحي عن الحكم، وبحوار مباشر مع الرئاسة الفرنسية، كما طالبوا الشعب الفرنسي بإجراء استفتاء على المبادرة الشعبية.

منظمو التظاهرات يحاولون منع حصول أي تصادم بين المتظاهرين وعناصر الشرطة، حيث دعت 15 منظمة يسارية إلى المشاركة في التظاهرات في مختلف أنحاء فرنسا.

وفي جادة الشانزليزيه رفع المتظاهرون أيديهم إصراراً على سلمية تحركهم.

وأغلقت الشرطة مدخلين إلى الشانزليزيه بالآليات والحواجز منعاً لتقدّم المتظاهرين نحو قوس النصر، حيث تدور مواجهات بين الطرفين في ساحة “تروكاديرو” قرب برج ايفل، كما منعت المحتجين من الوصول إلى محيط قصر الإليزيه.

ودارت مواجهات أخرى بين الشرطة والمتظاهرين في ساحة الجمهورية في باريس.

كذلك شهدت مدن فرنسية رئيسية من بينها مارسيليا وتولوز وبوردو تظاهرات “للسترات الصفر”، وعمدوا إلى قطع الطرق في تولوز.

كما أوقفت السلطات الفرنسية المواصلات العامة في باريس في سياق التصدي للاحتجاجات.

وأشارت مصادر إلى أن أعداد المحتجين في باريس الذي كان ضئيلاً نسبياً مقارنة بالأسابيع الماضية بدأ يزداد مع تقدم الساعات، لافتةً إلى أن مضاعفة الشرطة لعناصرها قلّص من أعداد المتظاهرين وخاصة في الشانزليزيه.

المتظاهرون قدموا الأزهار الصفراء لعناصر الشرطة، وقالوا لهم: “لا يوجد مشاغبون بيننا.. أنتم تدافعون عن ماكرون الذي يختبئ في الخلف، ويضعكم في الواجهة للقيام بالأعمال القذرة”، مشددين: “نحن نتظاهر من أجلكم ومن أجل أطفالكم”.

كما أكدوا “حراكنا لا يتبع لأي أحد أو أي جهة بل للجميع”، وهتفوا “أعيدوا لنا حريتنا وسيادتنا”.

كما رفع المتظاهرون شعار “فريكست” على غرار “بريكست”، مطالبين بخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.

زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان، رأت من جهتها أن “إجراء استفتاء على المبادرة الشعبية وسيلة للسلوك الديمقراطي الصحيح”، وقالت: إن “المشاغبين المتطرفين ولصوص الضواحي متواطئون مع السلطة لحرف الأنظار عن مطالب السترات الصفر”.

شرطة باريس أبدت قلقها من احتمال تسلل جماعات تميل للعنف إلى الاحتجاجات، فيما توقع قائد شرطة باريس ميشيل ديلبييش أن يكون أثر الاحتجاجات في العاصمة أقل مقارنة بالأسابيع الماضية.

وسائل إعلام فرنسية ذكرت من جهتها أن مطالب “السترات الصفر” هذا الأسبوع تتركز حول المطالب السياسية أكثر منها الاقتصادية.

الرئيس الفرنسي دعا متظاهري “السترات الصفر” إلى العودة إلى الهدوء والنظام، واعتبر أن الغضب المشروع لا يمكن أن يبرر العنف والشغب، معلناً عن “حالة الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية”.

وخلال مؤتمر صحافي له في بروكسل، رأى ماكرون أن قراراته الأخيرة هي ردّ على غضب حراك “السترات الصفر”، وأضاف: إنه “لا يمكن لما حصل أن يضع نتائج انتخابات ديموقراطية حصلت قبل عام ونصف على محك السؤال.. ويمكنهم التعبير عن رأيهم في الانتخابات الأوروبية والبلدية المقبلة”، وتابع: “وهكذا يفترض أن يعبّر الشعب الفرنسي الذي يملك رؤية لبلاده”، معتقداً أن فرنسا تحتاج اليوم إلى الهدوء والنظام وإعادة العمل بانتظام من جديد.

رئيس الوزراء الفرنسي السابق آلان جوبيه، دعا “السترات الصفر” في مدينة بوردو إلى التظاهر بهدوء.

وعود لم تقنع الفرنسيين الغاضبين من انحياز رئيسهم الآتي من عالم المال والأعمال إلى مصالح الشركات الكبرى، والمصارف، وكبار المستثمرين، على حساب المواطنين المنهكين اقتصادياً.

ويطالب الحراك بإصلاحات بنيوية تبدأ بالاقتصاد، وتنظيم سوق العمل، ولا تنتهي بتعديل الدستور، وإعادة تنظيم العلاقة بالاتحاد الأوروبي. كما طالبت بوضع سقف دستوري للضرائب كي لا تتخطى نسبة 25 %، وزيادة نسبتها أربعون في المئة على تقديمات الضمان الاجتماعي ورعاية المسنين، إضافة إلى فصل الخدمات المصرفية العادية عن الخدمات المصرفية الاستثمارية.

كما نصّ بيان الحراك على مطالب سياسية أبرزها: إجراء تعديلات دستورية لاحترام الإرادة الشعبية تنص على إجراء استفتاءات ملزمة، ومنع جماعات الضغط اللوبي والمصالح الخاصة من التأثير في صنع القرار السياسي، واحترام نتيجة الاستفتاء الذي أجري عام 2005 عندما صوّت الفرنسيون ضد معاهدة الدستور الأوروبية المعروفة “بمعاهدة لشبونة”.

وبعبارة أخرى يشير المطلب الأخير إلى رغبة الفرنسيين بالتحرّر من سلطة المفوضية الأوروبية.