ثقافةصحيفة البعث

معرض الخريف السنوي.. الأفضل بامتياز

 

ما بين التصوير الزيتي والغرافيك والنحت والفن التركيبي ومن مدارس فنية متعددة شهد خان أسعد باشا أهم معرض للفنون ضمن فعالية “أيام الفن التشكيلي”.
وعادة تختلف الآراء حول حدث ما إلا أن معرض الخريف السنوي لهذا العام اتفق الجميع أنه استعاد ألقه وعاد كسابق عهده. ضم أكثر من 175 عملاً فنياً منوعاً من نتاج إبداعات أجيال متعددة من التشكيليين السوريين.

معرض قيّم
ورغم سنوات الحرب إلا أن الفنانين السوريين كانوا حريصين على المشاركة في هذا المعرض، وحسب وجهة نظر الفنان سعد القاسم عضو لجنة التحكيم للمعرض يراه أهم معرض للفن التشكيلي السوري رغم تعرضه لظروف عديدة، ففي البداية أقيم المعرض في المتحف الوطني ونظمته مديرية الآثار العامة، وبعد تأسيس وزارة الثقافة في الستين أصبح معرض الربيع في حلب ومعرض الخريف في دمشق ومن ثم انضما وشكلا معرضا واحدا في دمشق سمي “معرض الخريف السنوي”، ونسعى اليوم بعد تحرير حلب لعودة “معرض الربيع” إليها و”معرض الخريف” لدمشق، وقد حافظنا هذا العام على اسم معرض الخريف لأن له علاقة بالأمور التاريخية وتوجهاتنا المستقبلية، كما عملنا على أن تعرض اللوحات بأوسع مساحة عرض ممكنة واقتناء الأعمال التي نحن بحاجة إليها فقط للمتحف مستقبلاً. ومستوى المعرض أفضل من العام السابق.

عرس الفنان
وأطلق الفنان جمال عباس على المعرض منذ تخرجه عام 1961 وبحضور الناقد طارق الشريف تسمية “معرض المعارض” وأصبحت هذه التسمية عامة، فقال:
المعرض عرس الفنان الرسمي، هذا العام هو أفضل وخاصة من حيث عدد المشاركين الذين قدموا أعمالا أصيلة من إبداعهم كثيرة بينما في معرض العام الفائت كان هناك عدد لا بأس به من الأعمال أصحابها متأثرين بفنانين آخرين أو تم نقلها عن طريق الفيس بوك، وهنا بدوري أدعو إلى وجود لجنة لتحري هذه الأمور.
هذا المعرض يمثل شرائح فنية على درجة عالية من الجودة بموضوعات وتقنيات مختلفة، ولاحظت وجود طروحات جديدة تحمل هوية الفنان وتطلعاته المستقبلية، وهناك ميزة وجود عدد كبير من قدماء المحاربين، بالإضافة إلى عناصر جديدة شابة تشترك لأول مرة، أي أن هناك عملية تطعيم بين القديم والجديد لخلق توازن برؤية العمل التشكيلي السوري رغم أنه ليس مهما الهوية بقدر التميز في قيمة العمل الذي يحمل مؤثرات جمالية جميلة.

بانوراما الفن
ولم ينقطع د.محمد غنوم عن المشاركة في المعرض وشارك بلوحة تحمل عنوان “شام” ويرى أن هذه المشاركة مهمة حيث قال: هذا المعرض من أهم المعارض لأنه بمثابة بانوراما الفن التشكيلي السوري يضم معظم التجارب الفنية التشكيلية وتنبع أهميته من هذه النقطة، ومن ناحية أخرى نرى في يوم الافتتاح قدوم الفنانين السوريين من كل المحافظات، والأمر الآخر أنه رغم الأزمة السورية إلا أن المعرض لم ينقطع إطلاقاً، فهو يضم تجارب فنية تشكيلية تبدأ من الجيل الأول والثاني والشباب بالإضافة إلى أساليب وتقنيات مختلفة وهذا دليل على أن الفن التشكيلي السوري ليس فيه إملاءات وكل واحد يعبر كما يريد.

فن ما بعد الحرب
ميزة المعرض السنوي أنه لم يخصص للجيل الكبير فقد عاد كما كان معروفا تاريخياً وبنفس التسمية “معرض الخريف” وعن مستوى المعرض قال الفنان نبيل السمان:
من خلال المعرض اليوم يمكن أخذ فكرة عن كل الخارطة التشكيلية السورية عبر مشاهدة لوحات متنوعة ورؤية تطور تجارب الفنانين وهنا تكمن الأهمية وإضافات كل فنان مشارك من عام لعام، فالمعرض مستواه جيد إلا أنني اعترض على مكان العرض فهو جيد من ناحية أنه فضاء واسع ولكن يفترض أن يكون مجهزا بشكل أفضل من حيث الإضاءة، ونتمنى في المرات القادمة تواجد صالات مجهزة للمعارض أكثر من ذلك.
والميزة الثانية هذا العام هي عودة أسماء غابت لسنوات عديدة، وهذا دليل أن الثقافة مازالت بخير رغم كل الظروف، فنحن مازلنا نتأمل أن تبقى الثقافة الأداة الوحيدة لمحاربة الفكر الظلامي. وفي الفترة القادمة سيظهر فن يعبر عن الحدث بطريقة ما وليس تعبيرا مباشرا سيحمل اسم “فن ما بعد الحرب”.

أجواء فنية
ولمعرض الخريف هذا العام طابع خاص فهو ضمن فعالية أيام الفن التشكيلي السوري وعن هذا المهرجان قال الفنان موفق مخول: يقام هذا المهرجان أول مرة في سورية ليأخذ الفن التشكيلي طيفا أوسع في المجتمع، لذلك كان هناك أكثر من فعالية تضمنت ندوات ومعارض والأهم هو المعرض السنوي الذي يضم أعمالا جيدة وتجارب جديدة لشباب، وهو حالة اجتماعية يجمع الفنانين مع بعضهم مع تجارب مشتركة واحتكاك فني روحاني مع بعضنا، وهي فرصة للشباب للتعرف على الفنانين وحالة تخلق نشاطاً داخلياً لدى الفنانين للتشجيع.
الفن دائماً بحاجة تجارب جديدة، والجيل الجديد يحرك الفن التشكيلي ويطوره إلا أنه لغاية هذه اللحظة لا يوجد نوع من التمرد على الفن بل هناك نوع من النمطية مازلنا نحافظ عليها وموجودة في تجاربنا، ويمكن القول لا يوجد شطحات في الإبداع تفاجئ البصر.

“سخرية الانتظار” و”هجرة”
وشاركت الفنانة غادة حداد بعمل “متر× متر” من ألوان الاكرليك والرمادي، وعبرت عن لوحتها التي حملت عنوان “سخرية الانتظار” بالقول: حاولت اختزال الألوان وتغيير في خلفية اللوحة، ودخلت في عالم جديد، العمل عبارة عن سيدة تحمل كأسا من النبيذ وباعتباري اعمل منذ فترة على الانتظار اعتبرت أن الكأس في يد السيدة حالة من السخرية في الانتظار وكأنها تقول إلى متى؟.
وشاركت التشكيلية مفيدة ديوب بعمل اكريليك على القماش بعنوان “هجرة” فقالت: يحمل هذا العمل حالات إنسانية مرت علينا خلال الحرب وتسببت بالجراح للجميع، والهدف الأساسي هو القيمة الإنسانية الموجودة في العمل ضمن الفن التعبيري والألوان فيها دمج بين الغامق والفاتح والباردة والحارة.

نقاء وبياض
وعن مشاركتها للمرة الثانية بمعرض الخريف السنوي مع أساتذتها أحست الشابة سيما حسين أنه نوع من الاعتراف بأعمالها فقالت: شاركت هذا العام بتكوين لامرأة بشكل بسيط استعملت الخطوط اللينة وزاوجت الكتلة مع الفراغ واستخدمت خشب التوت الذي يعطي نقاء وبياضاً ولوناً جميلاً، وقد استغليته لأعبر عن امرأة جديدة تجاوزت مرحلة صعبة ولبست ثوبها الأبيض لتنطلق.

جمان بركات