الصفحة الاولىصحيفة البعث

بيت لحم تحتفل بعيد الميلاد تحت حراب الاحتلال

 

في رسالة وجهها الفلسطينيون إلى الاحتلال الإسرائيلي مؤدّاها: “إننا صنّاع الفرح والسلام”، ووسط أجواء روحانية عريقة، استرعت مدينة بيت لحم الفلسطينية أنظار العالم مع توارد الوفود المشاركة في احتفالات الميلاد إلى كنيسة المهد، حيث شارك 24 وفداً دولياً في الاحتفالات إلى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما وصل المُدبّر الرسولي بطريرك القدس بيير باتستا بيتسابالا المدينة.
وفيما حاولت حواجز الاحتلال إعاقة القادمين للاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح في بيت لحم، قال رئيس بلديتها أنطون سلمان: “إن الاحتفال بعيد الميلاد هو رسالة للاحتلال بأننا نستطيع أن نحيا ونحتفل”.
من جانبه، قال الأب إبراهيم فلتس وكيل مؤسسة “حراسة الأراضي المقدسة”: “إن بيت لحم تنشد اليوم السلام للعالم، وللشعب الفلسطيني”، مضيفاً: “رسالتنا للعالم بضرورة العمل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ليعيش الشعب الفلسطيني كغيره من الشعوب بأمن وسلام، وإن لم يتحقق السلام في الأراضي المقدسة، لن يتحقق السلام في العالم”.
وكان الفلسطينيون قد بدؤوا تزيين البلدة وشوارعها وساحاتها استعداداً لهذا الحدث السنوي، ونصبوا شجرة الميلاد في ساحة الكنيسة. فيما يرفض الاحتلال رفع أياديه الآثمة عن قطاع غزة القابع تحت الحصار منذ أكثر من عشر سنوات، حيث أطلقت بحرية الاحتلال الرصاص وقنابل الغاز السام على المشاركين بالمسير البحري 21 لكسر الحصار عن قطاع غزة والذي نظمه الحراك الوطني لكسر الحصار شمال القطاع، ما أدى إلى إصابة عدد من الفلسطينيين بجروح وحالات اختناق.
وللعام الثاني عشر على التوالي تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين في قطاع غزة من التوجه إلى مدينة بيت لحم للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة في انتهاك سافر للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة حول حماية الشعوب الواقعة تحت الاحتلال.
ويقول الشاب سامر ترزي: الاحتلال حرمني وزوجتي وأطفالي من المشاركة في الاحتفالات بأعياد الميلاد المجيدة في كنيسة المهد بمدينة بيت لحم مدينة السلام كما كل العائلات في قطاع غزة.. الاحتلال يحاصرنا ويمنعنا من الوصول إلى الأماكن المقدسة ويحاول سلبنا فرحتنا بأعياد الميلاد المجيدة لكننا صامدون على أرض فلسطين. ويوضح ترزي أن حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة مكفولة وفق القانون الدولي لكن الاحتلال ينتهك كل القوانين الدولية ويحاول أن يسلب الفلسطينيين في القطاع هذا الحق الأمر الذي يتطلب تحركاً فورياً من المجتمع الدولي لوقف إجراءات الاحتلال العدوانية.
من جهته أشار مدير مؤسسة بيلست للدراسات والنشر سهيل ترزي إلى أن الاحتلال يحاول قتل فرحة الاحتفال بأعياد الميلاد من خلال منع الفلسطينيين من الوصول إلى الأماكن المقدسة مؤكداً أن ما يرتكبه الاحتلال هو جريمة أخرى بحق الفلسطينيين لكن كل ما يفعله لن يزيدنا إلا صموداً وثباتاً على أرضنا وسنواصل التصدي له، وأوضح أن الاحتفالات بأعياد الميلاد المجيدة هذا العام ستقتصر على الصلوات والقداديس بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل تصاعد العدوان وسقوط المزيد من الشهداء واستمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة لافتاً إلى أن الاحتفال بأعياد الميلاد هو رسالة تحد للاحتلال بأننا صامدون هنا على أرضنا.
من جانبها تقول سالي صليبا عن استعداداتها لاستقبال عيد الميلاد في غزة: الطقوس منذ سنوات محدودة جداً وتقتصر على تزيين شجرة الميلاد وإقامة القداديس والصلوات وتبادل التهاني والزيارات بين الأقارب والأهل مشيرة إلى أنها زارت كنيسة المهد للمرة الأخيرة في عام 2006.
ولا تتوقف إجراءات الاحتلال على منع الفلسطينيين في قطاع غزة من التوجه إلى مدينة بيت لحم ففي الضفة الغربية تعرقل الحواجز التي ينشرها الاحتلال آلاف الفلسطينيين من الوصول إلى كنيسة المهد للمشاركة في قداس منتصف الليل ضمن ممارساته القمعية الرامية للتضييق على الفلسطينيين بهدف تهجيرهم وتهويد أراضيهم المحتلة.
وتواصل هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار منذ أكثر من خمسة أشهر إطلاق رحلات بحرية عدة نحو العالم الخارجي وشمال قطاع غزة في محاولة لكسر الحصار الظالم المفروض على القطاع رغم محاولات الاحتلال عرقلته وتفريق المتضامنين عبر إطلاق الرصاص الحي نحوهم.
في الأثناء، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة بيتونيا غرب رام الله في الضفة الغربية وطاردت الطلبة المتوجهين إلى مدارسهم واعتقلت طفلين منهم، وقال رئيس بلدية بيتونيا: “إن الاحتلال يقتحم البلدة لليوم الثاني على التوالي ويطارد طلبة المدارس ويعتقلهم”، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت، أول أمس، 4 طلبة من البلدة.
كما شنّت قوات الاحتلال حملة مداهمات في مدن رام الله وبيت لحم والقدس المحتلة والخليل واعتقلت 13 فلسطينياً.
وتعليقاً على الاعتداءات الإسرائيلية، أدانت الحكومة الفلسطينية إجراءات الاحتلال المعادية للسلام والأمن في الأراضي الفلسطينية وخاصة مدن القدس المحتلة وبيت لحم والخليل، مطالبةً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والعمل على حماية الشعب الفلسطيني من اعتداءات الاحتلال.
وأكد المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود أن إجراءات الحصار والملاحقة التي تفرضها سلطات الاحتلال على الفلسطينيين وأماكن عبادتهم في مدينة بيت لحم خلال أعياد الميلاد المجيدة وفي الحرم الإبراهيمي الشريف بالخليل هي انتهاك صارخ للقوانين والشرائع الدولية، وأشار إلى حملة التحريض الاستيطانية الأخيرة على مدينة الخليل التي يطلقها مسؤولون في كيان الاحتلال لاستباحة المدينة من قبل المستوطنين الإسرائيليين الذين يتمتعون بحماية الاحتلال، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني لن يرضخ لاعتداءات الاحتلال وسيواصل النضال دفاعاً عن أرضه ومقدساته وتراثه العربي الأصيل.