دراساتصحيفة البعث

ما وراء تصريح ترامب؟

ترجمة: علاء العطار

عن موقع “فالداي” 20/12/2018

غرّد دونالد ترامب حول الانتصار على “داعش” في سورية وأصدر أمراً بسحب كامل القوات الأمريكية من البلاد، وقيل إنه اتخذ هذا القرار بنفسه، ومباشرة تتابعت الآراء في الولايات المتحدة معتبرة إياه خطأ كبيراً، لكن من السابق لأوانه استخلاص أي استنتاجات، فنحن بحاجة إلى انتظار إجراءات حقيقيّة من قبل الولايات المتحدة، لأن تصريحات الرئيس الأمريكي غالباً ما تكون جوفاء!.

الغرض من تصريح ترامب

هدف ترامب هو إظهار أنه قادر على دحر تنظيم “داعش”، ومع ذلك، أدلى بتصريحه للأمريكيين خصيصاً، وهو لا يعكس الوضع الحقيقي في ساحة المعركة، فالأمريكيون يعتبرون أنهم “انتصروا” على “داعش” في الرقة، لكن هذا أمرٌ مثير للجدل، لأن المدينة أصبحت الآن أنقاضاً، ودمروا فلول “داعش” في الجزء الشرقي من محافظة دير الزور.

وعلى سبيل المثال، لو ترك الأمريكيون قاعدة التنف، فسيكون ذلك دليلاً على الانسحاب الحقيقي للقوات الأمريكية من سورية، وإلى أن يقع ذلك، ينبغي النظر إلى كل كلمات الرئيس ترامب على أنها خدعة.

ما الذي يمكن أن يحدث في الواقع؟

إن تمكنت ما يُسمّى “قوات سورية الديمقراطية” من فرض سيطرتها على الأراضي في محافظة دير الزور شرق سورية، والتي يسيطر عليها المتطرفون حالياً، فسيكون بالإمكان خفض الوجود العسكري الأمريكي هناك لا أكثر.

وهناك مسألة أخرى، وهي إذا بسطت دمشق سيطرتها على الجزء الشرقي من محافظة دير الزور مستقبلاً، فسوف تُثار مسألة الوجود العسكري الأمريكي في قاعدة التنف، ولا توجد حاجة لقاعدة التنف الأمريكية إلا إذا بسطت الولايات المتحدة سيطرتها على الجزء الشرقي من محافظة دير الزور.

ما الذي يمكن لروسيا القيام به؟

من المحتمل أن تقوم روسيا مستقبلاً، في صيف عام 2019 مثلاً، بنشر نظام دفاع جوي من طراز S-300 في مطار عسكري بالقرب من مدينة دير الزور، وبإمكانها نشر أنظمة الحرب الإلكترونية هناك أيضاً، وبالتالي، يمكن لروسيا الضغط على أمريكا لتسحب قواتها.

علاوة على ذلك، قد تثير روسيا قضية مخيم الركبان للاجئين، الواقع بالقرب من قاعدة التنف، فهناك العديد من المتشدّدين المتطرفين في هذا المخيم تحت حماية الولايات المتحدة.

رد فعل حلفاء الولايات المتحدة

وفقاً للمتطرفين من قوات الحماية، فإن الولايات المتحدة خانتهم مرة أخرى، فقد حدث هذا سابقاً في مدينة عفرين -تجدر الإشارة إلى أن روسيا غير ملزمة بحماية هؤلاء، على عكس الأمريكيين- لقد رأينا ذلك بالفعل في منبج، عندما وافقت الولايات المتحدة على تشكيل دوريات مشتركة مع الجيش التركي، وقد تحدث مثل هذه الخيانة الآن في “كوباني”، وتصريح ترامب يدفع المتطرفين السوريين نحو الحوار مع دمشق.

ومن الطبيعي أن ترحب دمشق بالتصريح حول انسحاب القوات الأمريكية، لكنها تنتظر اتخاذ إجراءات ملموسة، فحالياً، هناك نحو ألفي جندي أمريكي في سورية، وعلاوة على ذلك، هم لا يتواجدون في قاعدة التنف وحسب، بل في مواقع أخرى أيضاً.

بأي حال من الأحوال، يثير الوجود العسكري الأمريكي في سورية تساؤلاً كبيراً، كما أن تأثيره سيتضاءل، والأهداف التي تمّ تحديدها لم تتحقق، وحتى إنشاء كيان انفصالي لن ينجح، لأن هناك معارضة عربية كبيرة ضد إنشائه، وهذه المواجهة تجعل من شبه المستحيل إقامة كيانية مستقرة.