تحقيقاتصحيفة البعث

أكثر من عادة “الأركيلة”.. تتسلل إلى حياة الأطفال!

 

كانوا يجلسون حولها، ويتناوبون على الإمساك بـ (نبريشها)، والتنافس على إخراج أكبر سحابة ممكنة من الدخان، وطبعاً هذا المشهد الذي يضم مجموعة من طلاب المدارس الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و15 عاماً في حديقة الفورسيزن، لم يعد مستغرباً، وبات أكثر حضوراً وانتشاراً بين الناس، وخاصة في الأوساط الشبابية (الحدائق والمقاهي)، وما يزيد من خطورة الأضرار والأمراض التي تسببها “الأركيلة” غياب تطبيق القانون بحق المخالفين من أصحاب المقاهي والمطاعم الذين يقدمون “الأركيلة” لروادها الصغار.

لا رقيب ولا حسيب
من يد إلى أخرى، ومن فم إلى آخر، تنتقل بكل ما فيها من مكونات ضارة، واحتمالات مفتوحة لعدوى الزكام، والأمراض الفيروسية في مقهى من مقاهي دمشق، يقول خالد الذي لا يتجاوز عمره 15 سنة، وبيده “نبريش الأركيلة”: إنه تعلّم تدخين “الأركيلة” بعد أن شاهد أمه تفعل ذلك في المنزل، ثم بدأ يحاول تقليدها، وبعد وقت قصير أصبح يشاركها في “الأركيلة” دون أن توبخه، بل تشجعه وتخبره بأن “الأركيلة” التي يصنعها بيديه أفضل بكثير من التي تصنعها!.

أسباب عديدة
الدكتورة شفيعة سلمان، (إرشاد نفسي)، اعتبرت أن أهم أسباب تدخين الأطفال والمراهقين “للأركيلة” التنشئة الاجتماعية، وخصوصاً التنشئة الأسرية، فهي حجر الأساس في التربية، فاهتمام الأهل ومتابعتهم من المسائل الهامة والضرورية لبناء جيل واع قادر على التمييز بين الخطأ والصواب، وما هو صحي ومضر، وهنا لابد من التأكيد على أن ابتعاد الأبوين، وخاصة الأم، وتخليها عن واجباتها ورقابتها بشكل غير مباشر تجاه أطفالها يؤدي إلى انحراف سلوكهم.
وتضيف سلمان: يجب أن تتعاضد الأسرة والمجتمع، إضافة إلى جميع مؤسسات الدولة، وتكون معنية بالتنشئة والتربية، فالتربية ليست فقط لوزارة التربية، بل لكل الوزارات كوزارة الإعلام، والثقافة، وحتى وزارة الأوقاف لإكساب القيم.

أمراض وسرطانات
وبرأي الدكتور باسم حمدان فإن كل “سحبة أركيلة” تعادل بأضرارها 6 سجائر، ولها تأثيرات عديدة، وخاصة على الأطفال والمراهقين كعدم كفاية الجسم من الأكسجين، وأمراض القلب، والشرايين، والسرطانات، فمادة المعسل مليئة بالمواد المسرطنة والقطران المسببة لفشل نمو الطفل من خلال تركيزها العالي للمواد الكيماوية.
ويضيف حمدان: إن لتدخين “الأركيلة” آثاراً سلبية على المستوى السلوكي، والنفسي، والاجتماعي، فعندما ينقطع المدمن عن النيكوتين لسبب ما تصبح عنده استثارة عصبية تسبب له قلة النوم، والغضب السريع، والرجفة، وعدم التركيز، ويتابع: يجب نشر نظرية التثقيف الصحي، والتنبيه والتوعية لمخاطر التدخين و”الأركيلة” من خلال وسائل الإعلام، ووزارة الصحة، والتوعية، واستيعاب المراهقين والأطفال، أي نشر المعلومة بشكل أفضل.

ميزانية كاملة
الدكتور شادي بيطار، كلية الاقتصاد، قال: “للأركيلة” تأثير كبير على دخل الأسرة، وإذا فرضنا أن معدل استهلاك فرد واحد كل يومين علبة معسل مع الفحم 500 ل.س، فشهرياً 7500، فكيف الحال إذا كان جميع أفراد العائلة يدخنون “الأركيلة”؟!.

رهف شحادة