صحيفة البعثمحليات

هل يبقى مجرد مسودة قانون قيد الطي؟! آراء متضاربــــة حــــول  تطبيــــق التفــــرغ  الشـــامل للأطبــــــــاء

دمشق – حياة عيسى

تضاربت الآراء بين الأطباء حول أهمية التفرغ وجدواه،  فلا تزال الرؤى غير واضحة بالنسبة إلى بعضهم  كونه الباب الأكبر  للتخصص العلمي، الذي لابد أن يقر بالطريقة الصحيحة لا أن يؤخذ بشكل اعتباطي، في الوقت الذي نظر إليه البعض الآخر  على أنه  حاجة ملحة وضرورية، على الرغم من حق الطبيب في العمل في عدة مستشفيات، هذا إذا نظر إليه بعين العدل، ولكن المفارقة أن العمل في عدة مستشفيات يجعل عمل الطبيب وجهده مجزأ؛ لذلك لابد من التطلع إلى قانون التفرغ والسعي لتطبيقه بالطريقة المثلى للوصول  للكمال المطلق سواء في عمل الطبيب أو المشفى، ولابد أن يكون “التفرغ” شاملاً متكاملاً ولا يقتصر على الأساتذة فقط، بل يتجاوزهم ليشمل كافة العاملين في المشافي، ولاسيما الهيئات المستقلة منها.

وهنا أوضح مدير الهيئة العامة لمشفى المواساة الدكتور عصام الأمين أنه لابد من الانطلاق بقانون التفرغ كونه يعتبر من أهم القرارات التي تهم القطاع الصحي في حال تم التحضير له ودراسته بشكل موضوعي وواقعي للتماشي مع معظم دول العالم المتقدمة التي أقرت القانون وعملت به، كونه يشكل إضافة مهمة لعمل المشافي من ناحية تقديم الخدمة الصحية بمستوى يرضي المرضى، مشيراً إلى ضرورة دراسته  بطريقة علمية حضارية تشمل كافة نواحيه، ولاسيما البنى التحتية من خلال إيجاد أماكن مناسبة لتأدية الخدمة بالشكل الأمثل وتوفير الكوادر الطبية والإدارية والصيدلانية والمخبرية والشعاعية المناسبة والمدربة لتأدية الخدمة، مع التأكيد على ضرورة أن تكون الأجور المدفوعة مدروسة بموضوعية ووسطية تناسب المريض والطبيب على حد سواء، على أن تكون الحصة والنسبة الأعلى من الفائدة لصالح الطبيب، وأن تكون العيادات في المشافي الجامعية، لاسيما في مرحلة انطلاق “القانون” لما تحتويه من قامات علمية وخبرات كبيرة تساعد بتمثيل القانون وتطبيقه  بالشكل الأمثل.

وتابع الأمين في حديثه مع “البعث” أنه لابد من وضع دراسة الجدوى الاقتصادية للوصول إلى نقطة وصل بين دخل الطبيب في عيادته الخاصة ودخلة عند التفرغ بهدف تشجيعهم على ترك عياداتهم الخاصة والتفرغ لخدمة الهيئات والمشافي العامة، بالتزامن مع  إطلاق القانون بالطريقة التجريبية لكشف  الثغرات  والعثرات  التي من المتوقع أن تكون عثرة في تطبيقه وحلها قبل إطلاقه بصورته النهائية لتلافي فشله، وأن يكون البدء بالالتحاق بالمشروع اختيارياً، ولاسيما للأساتذة، وعند إثبات نجاحه يتم تعميمه على الآخرين، على أن يتم تهيئة طلاب الدراسات العليا ليكونوا أطباء متفرغين.

كما بين مدير الهيئة أن المشروع  ليس بحديث العهد فقد تم الحديث عنه في الثمانينيات لإنشاء عيادات مهنية للأطباء الأساتذة، إلا أن تطبيقه السيئ وعدم التحضير له بالشكل اللازم كان عاملاً كبيراً لفشله، علماً أن تجربة التفرغ مهمة ولابد من تطبيقها بأسرع وقت؛ كونها أمراً حيوياً، ويعطي دفعاً وتفعيلاً للعملية الصحية والخدمة المقدمة.

في حين ينظر بعض الأطباء لبعض المعوقات التي تجعل التفرغ غير مقبول من قبل الطبيب، حيث يجب تأمين وسائل للبحث العلمي ليستطيع الطبيب التقدم والتطور ببحوثه ولما يطمح إليه، كما يستوجب إيجاد نظام مالي موحد ليتعامل الطبيب أينما كان بنفس المقاييس، مع الإشارة لضرورة وجود عيادات تخصصية داخل كل مشفى تقدم دخلاً إضافياً للطبيب وتضمن له حياة كريمة، والتركيز على التعويضات اللازمة حتى يقبل الأطباء وخاصة القدامى منهم على التفرغ بحماسة، ورغم أن الأجور المعطاة للعاملين جيدة لكنها لا تساوي ما هو متوقع بالنسبة للطبيب الاختصاصي.‏ في الوقت الذي ردت  وزارة الصحة  على تساؤلات البعث حول موضوع “التفرغ” بخجل واكتفت بذكر حاشية رئيس مجلس الوزراء المتضمنة إعادة مشروع قانون تفرغ ذوي المهن الطبية إلى الوزارة استناداً للمناقشات التي تمت في مجلس الشعب والتي خلصت إلى عدم نضج المشروع لعدة أسباب، أهمها أنه لا يحقق العدالة الاجتماعية المطلوبة ضمن كوادر الوزارة وبين المتفرغين وباقي العاملين في الدولة، وعدم دقة الشرائح المطلوب تشميلها بالتفرغ أولاً وعدم وفرة الإمكانات المالية في حال التشميل الأوسع ثانياً، إضافة إلى وجود ملاحظات عديدة فيما يخص إحالة المتفرغ على التقاعد مستقبلاً، والتعارض مع بعض الحقوق النقابية المكتسبة للطبيب المتفرغ، وملاحظات حول الجمع بين تعويض العمل الإضافي والتفرغ. فمنذ الثمانينيات وحتى تاريخه لا يزال قانون التفرغ قيد النقاش بين  والصد والرد والانتظار سيكون سيد الموقف، فهل سنشهد تطبيق قانون تفرغ شامل متكامل أسوة بدول العالم المتقدمة؟ أم سيبقى  بمجرد مسودة قانون قيد الطي.؟