تحقيقاتصحيفة البعث

زيت الزيتون في حمص عينات مخالفة للمواصفات.. وموسم خارج الاستثمار

تنتشر أشجار الزيتون في كل مناطق محافظة حمص ‏‏نظراً لأهميتها الاقتصادية والغذائية، وقلة حاجتها للخدمات الزراعية بالمقارنة مع باقي ‏الأشجار المثمرة، ويوجد في حمص أكثر من 15 مليون شجرة، منها أكثر من 10 ملايين شجرة ‏مثمرة، ولا شك أن الزيتون موسم استراتيجي مهم، وهو يرفد السوق المحلية بحاجتها من ثمار الزيتون والزيت، ‏لكن الموسم الحالي تضرر بشكل كبير نتيجة لارتفاع نسبة الحموضة، وارتفاع مادة البروكسيد أيضاً، وهذا ‏الارتفاع يمكن ملاحظته من خلال التذوق، وعدم قدرة ‏الإنسان على تناوله، ما انعكس سلباً على عملية تسويق المنتج، وخسارة موسم الزيتون والزيت لهذا العام، وإحجام أغلب المواطنين عن استهلاك المادة جاء نتيجة لانتشار حشرة ذبابة الزيتون في غالبية ريف محافظة حمص، وخاصة منطقة الريف الغربي، ما أدى لتغير لون الثمرة من الأخضر إلى الأسود وذبولها، وتساقط الثمار قبل نضجها بشكل جيد، وخاصة الأشجار البعلية، كل ذلك أدى إلى إنتاج زيت بمواصفات غير جيدة، وبالتالي غير صالح للاستهلاك البشري!.

نتائج عملية مخيفة
أغلب أصحاب المعاصر بريف حمص الجنوبي أشاروا إلى أن المزارعين قاموا بخلط الزيتون المتساقط مع ‏الذي تم قطافه حديثاً، ما أثر بشكل كبير على ارتفاع نسبة الحموضة، وهناك لجنة من مديرية زراعة حمص جالت على المعاصر، وأبلغت المعصرة والفلاحين بأن نسبة ‏كبيرة من الزيت المستخرج غير صالحة للاستهلاك، إضافة إلى الأمراض التي يعاني منها المحصول.
رئيس اللجنة المشكّلة والمكلّفة الكشف على معاصر الزيتون ناجي ‏ساعد، رئيس مكتب الزيتون بمديرية الزراعة، نوّه بأنه تم تقديم الإرشادات ‏والنصائح للفلاحين، مشيراً إلى أن الفلاح لم يتعوّد على ظاهرة وجود الذبابة بهذه الكثافة، وهي بكل ‏الأحوال تختلف من منطقة لأخرى. رامي اليوسف، مدير التجارة الداخلية بحمص، أشار إلى أنه مع بدء عصر الزيتون ‏وحتى تاريخه وردت إلى مخبر المديرية /60/ ‏عينة زيت زيتون من قبل المواطنين والقطاع الخاص لتحليلها ومطابقتها للمواصفات القياسية، ‏وكانت نتائج التحليل على الشكل التالي: 49 عينة مخالفة بسبب ارتفاع نسبة البروكسيد، ‏ونسبة الحموضة، و5 عينات مطابقة، و6 عينات قيد التحليل.
وأضاف اليوسف بأن بعض قيم البروكسيد تجاوزت خمسة أضعاف النسبة المسموح بها، حسب المواصفة القياسية السورية، كما تجاوزت درجة ‏الحموضة الـ 17، في حين أن الحد الأقصى المسموح به حسب المواصفة القياسية السورية ‏هو 3,3، وأي ارتفاع لهذه النسبة يجعل الزيت غير صالح ‏للاستهلاك، وأكد اليوسف بأن العينات لاتزال ترد إلى المديرية بناء على طلبات خاصة للتحليل، مشيراً لمتابعة الرقابة، وهناك ضبط لمخالفين يقومون بغش المادة بإضافة صبغات، وغير ذلك من أساليب الغش، كما أن دائرة حماية ‏المستهلك تقوم بسحب عينات من زيت الزيتون المطروح في الأسواق لتحليلها، وبيان مدى مطابقتها ‏وصلاحيتها للاستهلاك، حسب المواصفات القياسية السورية، وأن الزيوت خارج المواصفة يجب أن ترسل إلى معامل الصابون، لافتاً إلى أن مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحمص ‏تنصح المواطنين بعدم شراء الزيوت مجهولة المصدر ومن أماكن غير نظامية وغير مرخصة، وإبلاغ المديرية عن أماكن وجود الزيوت المشتبه بها.

للظروف المناخية دورها
د. محمد المصري، اختصاص صناعات غذائية، ومدير المعهد الزراعي، عضو هيئة تدريسية بجامعة البعث قال: نظراً لتبدل الظروف الجوية التي حصلت خلال السنة الماضية والصيف، وتأخر مواعيد الأمطار، أدى ذلك لنشوء الظروف الملائمة لانتشار ذبابة الزيتون بشكل كبير، خصوصاً الريف الغربي بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة، وتدني خدمات الشجرة، ما أدى لانتشار الحشرة أكثر من الريف الشرقي الذي تنخفض فيه نسبة الرطوبة، وأيضاً قيام المزارعين بخلط الثمار السليمة مع المصابة ونقلها للمعصرة، ما سبب ارتفاع نسبة الحموضة والبروكسيد الناتج، وهناك سبب آخر ناتج عن إصابة الثمار بحشرة دخلت إليها، ما عرّض الأنسجة الداخلية الحاملة للزيت للهواء الخارجي، وهذا يؤدي لتحلل الأحماض الدهنية الحرة وانفصالها، وفي حال وجود رطوبة وأكسجين يؤدي لارتفاع نسبة الأسيد.

عوامل ساعدت على الحالة
وقال: هناك عدة عوامل ساعدت على انتشار الذبابة، منها عدم التزام الفلاحين بالفترة المحددة لمكافحة آفات الزيتون، إضافة لعدم القيام بالعمليات الحلقية من نظافة الأرض، والفلاحة، والتقليم، واعتماد الفلاحين على مبيدات مجهولة المصدر قد تكون منتهية الصلاحية وغير فعالة، وربما قد تحتوي على مواد لها آثار سلبية جداً على الصحة والشجرة، ما يجعل الزيت المنتج غير صالح للاستهلاك البشري، وفي حال ارتفاع نسبة الأسيد عن 3.3 قد يؤدي لآثار خطيرة جداً على الجسم.

معالجات وحلول
وحول المعالجات والحلول أجاب الدكتور المصري: الزيت المنتج يجب جمعه وإرساله لمعامل تكرير الزيت النباتي، وهذا يتطلب جهوداً كبيرة تقوم بها جهات حكومية كغرفة الزراعة مثلاً، أو اتحاد الفلاحين، ليجمع الزيت ويخضع للتكرير، مضيفاً: هناك عدة معايير لتقييم جودة الزيت، وبحسب هذه المعايير فإن نسبة /80/ بالمئة من إنتاج المعاصر من الزيت غير صالحة ‏للاستهلاك البشري، ويجب تسويقها إلى ‏معامل التكرير لإجراء التعديلات، وإزالة المواد الضارة منها، وهذا يتطلب إجراءات جدية وسريعة من الجهات المعنية، لافتاً إلى أن ‏ذبابة ثمار الزيتون شكّلت جائحة، وزادت من تفاقمها قلة الاهتمام.
سمر محفوض