صحيفة البعثمحليات

خطر داهم

 

تؤكد فاجعة انهيار المبنى السكني المؤلف من خمس طوابق، ومقتل عائلة كاملة من خمسة أشخاص، وما سبقها من حوادث مماثلة خلال العام الفائت في عدد من أحياء حلب القديمة مجدداً أن ثمة خللاً واضحاً وجلياً في آليات العمل الخدمي، وقصوراً في المهام المنوطة بلجنة السلامة العامة المعنية قبل غيرها بترسيم حدود المناطق والأبنية السكنية المهددة بالانهيار، واتخاذ الاجراءات الوقائية الاستباقية للحؤول دون وقوع مثل هذه الحوادث المؤلمة والتي غالباً ما يذهب ضحيتها أشخاص بسطاء وعائلات فقيرة لا تملك أي خيار سوى الالتحاف تحت سقف هذه الأبنية المتصدعة والآيلة للسقوط.
ولعل فداحة الخسارة البشرية التي نتجت عن انهيار المبنى هذه المرة، يفتح الباب على مصراعيه أمام ملف قديم معقد وخطير، يستدعي وعلى عجل إجراء جردة حساب في سجلات الخسارات واتخاذ إجراءات ضامنة للسلامة العامة تبعد شبح الموت عن الأبرياء، وهي مسؤولية تقع على عاتق مجلس المدينة ولجنة السلامة العامة، والمطلوب منهما إجراء عملية مسح شاملة، وتقييم دقيق للمناطق والأبنية المتضررة والمهددة بالانهيار، خاصة في المناطق التي تضررت جراء الإرهاب، بالإضافة إلى القيام بعملية إخلاء للسكان القاطنين في هذه المناطق، وتأمين سكن بديل مؤقت لهم لحين إجراء عمليات الترميم والتأهيل، وبما يضمن إزالة أي خطر داهم، ومنع تكرار وقوع مثل هذه الحادثة المفجعة التي هزت الوجدان والضمير الإنساني.
وهنا نؤكد ونحن نستقبل الأيام الأولى من العام الجديد على ضرورة وضع هذا الملف في صلب اهتمامات المعنيين، وفي مقدمة لائحة المهام المطلوب تنفيذها من قبل عمل الفريق التنفيذي في المحافظة ضمن مشروع إعادة الإعمار، وبالتالي اتخاذ كل ما يلزم لحسم ملف المناطق المخالفة والعشوائية، وعدم الاكتفاء باستدعاء مجموعات الدفاع المدني وفرق الانقاذ بعد أن تقع الفأس في الرأس.
وهو ما نضعه برسم مجلس المحافظة، والمطلوب منه محاسبة المقصرين، وتحديد المسؤوليات والأولويات، وتوفير كل الدعم التقني والفني لعمل مجلس المدينة ولجنة السلامة العامة، لإجراء عملية فرز للمناطق والأبنية المهددة، وتشميلها ضمن المناطق الخطرة وغير الآمنة وذلك حرصاً على أرواح وحياة المواطنين.
ونعتقد أن حلب التي دفعت الثمن باهظاً على مدى السنوات الماضية، وعانت وما زالت تعاني المرارة والألم من تداعيات ومفرزات الحرب الإرهابية، تستحق اهتماماً ورعاية أفضل وعلى مختلف المستويات، وخاصة على المستوى الخدمي والمعيشي، وبما يليق بصمود وانتصار هذه المدينة على الإرهاب.

معن الغادري