دراساتصحيفة البعث

من ينقذ السعودية من أمريكا

محمد صالح حاتم

كاتب من اليمن

ظهر الرئيس الأمريكي ترامب في مهرجان انتخابي في ولاية فرجينيا، متعالياً ومتغطرساً ومبتزاً ومتنمراً على مملكة بني سعود، لقد تجاوز كل الأعراف والتقاليد في مخاطبة حلفائه كما يسميهم (السعودية والخليج عموماً)، بل ظهر مهدداً حيث قال بالحرف الواحد “أنا أحب السعودية وقد أجريت مع الملك سلمان هذا الصباح اتصالاً مطولاً، وقلت له إنك تمتلك تريليونات من الدولارات، والله وحده يعلم ما سيحدث للمملكة في حال تعرضت لهجوم، وأضاف: قلت له: أيها الملك ربما لن تكون قادراً على الاحتفاظ بطائراتك عندما تتعرض السعودية لهجوم، لكن معنا أنتم في أمان تام، لكننا لم نحصل في المقابل على ما يجب أن نحصل عليه”.

هذه ليست المرّة الأولى التي يظهر ترامب مبتزاً ومهدداً للسعودية، فمنذ أن ظهر ترامب مرشحاً نفسه لرئاسة أمريكا، وخلال حملته الانتخابية، كان يتكلم بلسان التاجر الذي يبحث عن الربح، لم يكن يتكلم بلغه السياسة، فكان يطالب بالقول: من أراد أن نحميه فعليه أن يدفع مقابل الحماية، وكل كلامه كان موجهاً بدرجة رئيسية لدول الخليج، وهم الذين عملوا على دعم منافسة ترامب في انتخابات هيلاري كلنتون حتى تفوز بالانتخابات، وبعد أن أصبح رئيساً لأمريكا، لم يغير من ابتزازه وسخريته للسعودية وهي التي تعتبر أمريكا حليفاً أساسياً ورئيسياً لها، ولكن كما نعلم جميعاً أن أمريكا لا تعرف شيئاً اسمه حلفاء خاصةً مع العرب وبالأخص دول الخليج، بل تابعين وخاضعين ومنفذين لسياستها، وهذا هو ما ظهر من خطابات ترامب تجاه حلفائه الخليجيين وخاصةً السعودية التي اسماها البقرة الحلوب، وخاطبهم (إنكم لا تملكون غير المال، وأن عليكم أن تدفعوا مقابل حمايتنا لكم، ومقابل أن تبقوا على كراسي الحكم، فبدوننا لن تقدروا أن تحكموا أسبوعاً واحداً)، هذا هو ترامب مخاطباً حلفاءه أو بالأصح بقرته الحلوب.

والغريب من هذا كله ليس طريقة كلام ترامب تجاه السعودية، وسخريته منها، بل سكوت السعودية وعدم الرد على كلام كهذا وهي من تعتبر نفسها أكبر من أن يتكلم أحد عليها أو يتدخل في شؤونها كما حصل مع كندا وقطع العلاقات الدبلوماسية معها لمجرد تغريدة، ولكن الأمر متغير مع أمريكا، من يقدر أن يرد عليها أو يتكلم عنها ولو من باب الدفاع عن النفس؟!

السعودية اليوم في وضع لا تحسد عليه، فالمشاكل والحروب محيطه بها من كل جانب، وهي من أشعلتها تنفيذاً لأوامر أسيادها الأمريكان، لتحقيق أهدافهم في المنطقة، فهي من ورطتها بشن عدوان وحرب على اليمن منذ ما يقرب من أربعة أعوام، وتقاتل في سورية وتدعم الحركات الإرهابية فيها ضد الرئيس الأسد، ودخلت في خلاف مع قطر وفرضت عليها حصاراً مع الإمارات ومصر والبحرين، وشكلت مع هذه الدول “حلفاً إسرائيلياً” (كما تدعي) ضد إيران، وكل هذا يدفع من خزينتها، لدرجة أنها أصبحت تعاني من أزمة اقتصادية ظهرت من خلال رفع أسعار المشتقات النفطية ورفع الضرائب، وسعودة الوظائف، وتوقيف أكثر المشاريع داخل المملكة، ومقابل هذا فإن حليفها أمريكا ورئيسها ترامب يبتزها يوماً بعد يوم، وهو الذي عاد بأكبر صفقةٍ في التاريخ خلال زيارته للسعودية في أيار مايو 2016، والتي قدرت بأكثر من460 مليار دولار.

فالسعودية تبحث عمن سينقذها من أمريكا، وهي التي هددتها وعبر رئيسها ترامب عدة مرات، أن عليها أن تدفع، وأنها عبارة عن بقرة حلوب متى ماجف ضرعها سيتم ذبحها، وهي كذلك (أي السعودية) مطالبةٌ -بل مهددةٌ- بدفع مئات المليارات من الدولارات كتعويضات لضحايا 11 أيلول الإرهابي، وهي ورقه الضغط التي بها يتم ابتزاز السعودية وكذا دويلة الإمارات.

فالسعودية اليوم تدفع ثمن سياستها الخاطئة تجاه جيرانها وأشقائها العرب، ونهايتها اقتربت، فهي قد أشعلت النار حول نفسها، ولن تستطيع أن تطفئها، ولن تجد من يساعدها على حل مشاكلها ومساعدتها على إطفاء النيران، سواء من الداخل أو الخارج، وأول من سيتركها هي أمريكا حليفها الاستراتيجي، عندما تنتهي المصالح، وعلى الباغي تدور الدوائر.

عن مركز صدى فور برس