ثقافةصحيفة البعث

وردة شامية.. إثارة وتشويق وهفوات إخراجية

 

لا نغالي كثيراً إذا قلنا بأن الدراما السورية تعيش في أسوأ مواسمها، لكونها سارت ضمن سياسة تفوق الشكل عن المضمون، وكان للأعمال الدرامية التي تعتمد على فضاء البيئة الشامية نصيب كبير من الإنتاج المحلي، فقد أنتجت العديد من المسلسلات للموسم الرمضاني الفائت، وتمكنت جميعها من إيجاد مساحة لها على الشاشات العربية باستثناء مسلسل وردة شامية، الذي عرض خارج السباق الرمضاني، حيث انتهى عرضه على قناة(لنا) قبل أيام قليلة، وهو مسلسل ذو طابع فانتازي تأليف الكاتب مروان قاووق وإخراج تامر إسحاق، وتدور أحداث العمل المستوحى من مسرحية ريا وسكينة حول سلسلة مغامرات الشقيقتين وردة وشامية المحفوفة بالأخطار وجرائم القتل، وقامت بتجسيد دور الشقيقتين كل من الفنانتين سلافة معمار وشكران مرتجى اللتين قدمتا أداء باهراً.
طرح المسلسل قضية الصراع بين الخير والشر، وقد استطاع بأسلوبه التشويقي المثير استقطاب جماهيرية واسعة جعلت نجاحه محققاً بمختلف المقاييس على اعتبار أن الجمهور هو من يحكم عليه بالفشل أو النجاح.
المسلسل مفعم بالهفوات الإخراجية التي لا يمكن أن يقتنع بها جمهورنا الذي بات يميز ما بين الغث والسمين، أولى هذه الهفوات يتعلق بطريقة القتل التي اعتمدتها وردة وشامية فكانت مقعنة ومحبوكة من جانب، وهزيلة ومضحكة في شقها الآخر، فإضافة إلى الأداء الفني العالي الذي قدمته الفنانتان سلاف معمار وشكران مرتجى في استقطاب ضحاياهم إلا أن طريقة الدفن وإخراج الجثث من المنزل إلى المقبرة لم تكن موفقة ومقنعة لكون حارات البيئة الشامية متلاصقة فيما بينها، وأي حراك غير طبيعي لابد أن يثير ضجة وريبة لدى أهل الحارة، غير أن المخرج لم يتمكن من البحث عن مخرج لنقل الجثث يقنع به المشاهد، أما الهفوة الأخرى التي عانى منها المسلسل، فهي غياب دور ممثل الكومبارس الذي لم يسخّر جيداً لخدمة مشاهد العمل، فباتت الحارة شبه خالية في كثير من المشاهد، وخاصة في المشاهد التي جرت أمام بيت نادين تحسين بيك (هدى) ومحادثتها مع رياض.
والهفوة الأكثر إيلاماً وإضحاكاً في نفس الوقت هو كيف يقوم رجل الشرطة يوسف حداد (فارس) بقتل صهره الضابط علاء قاسم من أجل حبّه لوردة (سلافة معمار) ثم نكتشف أن هذا الحب لم يكن سوى طفرة لكونه سرعان ما تخلى عنها لأتفه الأسباب، أما مشهد سرقة منيرات خانم أثناء تواجدها بالحمام فيعد سقطة إخراجية كبيرة، فكيف لرجلين أن يتسلقا سطح حمام يقع وسط حارة شعبية مكتظة بالسكان، ومن ثم يقومان برمي النار إلى قلب الحمام دون أن يشعر بهما أحد، أو أن يسمع صوت أقدامهما أثناء الصعود والنزول، رغم أن منيرات خانم كان يحيط بها كوكبة من رجال الشرطة والحراس، فجاء المشهد فجاً، وغير مقنع لابل كان مضحكاً نظراً لهزالة الطرح، وغياب عنصر التشويق.
هذا غيض من فيض فوضى مسلسل وردة شامية الذي يعد سقطة جديدة تضاف لكثير من السقطات التي لحقت بالدراما السورية، ويبدو أن الكاتب مروان قاووق الذي اشتهر بكتاباته لمسلسلات البيئة وصل لمرحلة من الإشباع بأفكاره البيئية الجديدة بعد سلسلة من النجاحات التي حققها خلال مسيرته الفنية ابتداء من مسلسل باب الحارة وانتهاء بمسلسل عطر الشام، لكن في مسلسل وردة شامية لم يكن موفقاً لكونه اعتمد على استعارة أفكار خارجة عن بيئتنا الشامية المعروفة بالطيبة والشهامة.
ليس من الحكمة في شيء أن نضيع وقتنا في إعادة تجارب التي مر بها الآخرون، فالوقت أثمن من أن نضيعه للوصول إلى نفس النتائج، والحياة أقصر من أن نقيضها في تجريب المجرب، فإن كان لابد لنا من متعة التجربة فلتكن في تجارب جديدة لم يختبرها الآخرون.
يشارك في بطولة المسلسل نخبة من نجوم الدراما السورية واللبنانية منهم: سلوم حداد وعلاء قاسم ونادين خوري وزهير رمضان وندين تحسين بك ومعتصم النهار وروعة ياسين وطلال مارديني وضحى الدبس وسحر فوزي وجيانا عنيد ولينا حوارنة وأيمن بهنسي وآخرين.
مهند الحسني