تحقيقاتصحيفة البعث

الصداقة.. مفاهيم وقيم إنسانية وتعاط مجتمعي يعج بالتحفظات

مازالت النظرة إلى الصداقة بين الرجل والمرأة إلى يومنا هذا تحمل في طياتها عدم القبول المطلق لهذا النوع من الصداقات، تحت ذرائع عديدة أهمها العادات والتقاليد التي ترعرعنا عليها بعدم ضرورة تواجد الطرف الآخر كصديق، فالرجل لا يستطيع البوح بأسراره لصديقته المرأة، والعكس كذلك، وبالرغم من التطور التكنولوجي الذي يشهده المجتمع، واقتراب التواصل الاجتماعي بين جميع الأفراد مع بعضهم البعض، إلا أن هناك تحفظاً على علاقة الرجل بالمرأة، حيث ينظر لها من الناحية الاجتماعية والدينية على أنها خطأ كبير، وذنب لا يغتفر!.

دراسة حديثة

في بحث أجراه موقع تواصل اجتماعي سوري تبيّن أن البالغين من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 27 أكثر ميلاً لتكوين علاقات عاطفية مع صديقاتهم من نظرائهم الذين تجاوزوا الـ 27، أما بالنسبة للنساء فقد تبيّن أنهن غالباً يجهلن عقلية أصدقائهن من الرجال، حيث أظهر البحث أن النساء بشكل عام لم يشعرن بالانجذاب لأصدقائهن، وأشارت الدراسة إلى أن أغلب النساء قادرات على إقامة صداقة بريئة مع الرجال دون الدخول في استنتاجات خاطئة حول الصداقة التي تربط الرجال بالنساء، فكلا الطرفين يجهل عقلية وأفكار الطرف الآخر، ما يسبب الإحراج، أو بعض المشاكل لأحد الطرفين أو لكليهما.

بين الصداقة والحب

تنقسم الآراء وتتعدد حول حقيقة مفهوم الصداقة بين الرجل والمرأة، فمنهم من يؤمن بوجود صداقة حقيقية بين الرجل والمرأة، إذ يعتبرون أن الرجل والمرأة قادران على بناء علاقة صداقة حقيقية دون أذية، وهذا النوع من الصداقة يتطلب النضج والوعي الكافيين، إضافة إلى ثقة من حولهما بهما، كما أنه على الطرفين أن يميزا الخيط الرفيع بين الصداقة والحب، ففي هذه الأحوال فقط تعمر الصداقة بين المرأة والرجل وتدوم، في حين كان للبعض رأي مختلف، رافضين اقتباس أفكار ومفاهيم الغرب الصحيحة والخاطئة، وتطبيقها في مجتمعنا، وخاصة فيما يخص علاقة الرجل مع المرأة، فشروط علاقة الصداقة التي تجمع بين الجنسين تستوجب أموراً كثيرة لا يمكن أبداً تطبيقها في مجتمعنا، مع وجود الكثير من القيود التي تحكم مجتمعنا.

ثقافة مجتمع

مازالت الصداقة بين الرجل والمرأة في مجتمعاتنا لا تتعدى حدود الحالات، ولا تتطور إلى أرقى من ظاهرة، لأنها تبقى من الأمور التي يدور حولها الخلاف، وتحتاج إلى ثقافة ووعي عاليين، وهي ثقافة مجتمع، وليست ثقافة فردية، وبالرغم من فردية هذه الصداقة، إلا أننا نعتبرها من أرفع مستويات الصداقة، حسب رأي الدكتورة رشا شعبان، “علم اجتماع”، وتبنى الصداقة على الثقة والنية الحسنة، وهي علاقة نبيلة بين البشر، قوامها العطاء المتبادل، وتوافق الأفكار والأهواء، وصدق النوايا، وتكون صداقة بريئة قائمة على الأخوة، والاحترام المتبادل، فالصداقة أمر ضروري في الحياة الاجتماعية، ويقال إن الصديق نسيب الروح، والأخ نسيب البدن، لذا لابد من غرس مفهوم الصداقة بين الرجل والمرأة من خلال تقبّل هذا النوع من الصداقات، وتنشئة جيل جديد يتفهم هذه الصداقة بشروطها وحدودها المقبولة اجتماعياً من خلال غرس الثقة بالنفس، وتغير بعض المفاهيم المليئة بالمخاوف والأفكار المسبقة الخاطئة.

ميس بركات