رأيصحيفة البعث

إنهاء الحروب.. بشارة سورية جديدة

د. مهدي دخل الله

منذ الزمن الغابر كانت «البشارة» تأتي دائماً من الأرض السورية. بشارة ببدء عصر الزراعة (وادي النطوف والرقة)، وبشارة بالأبجدية (أوغاريت)، وركوب البحر والنوتة الموسيقية، وإعطاء أوروبا اسمها من أمها سورية… والبشارات كثيرة.

الحديث اليوم عن بشارة جديدة رفعتها سورية في مجلس الأمن عندما كانت عضواً غير دائم فيه (2002-2003).. البشارة هي: حتمية إنهاء الحروب، وجعلها من الماضي في العلاقات الدولية. انقسم المجلس عندها بخصوص الحرب التي كانت أمريكا تعدها على العراق إلى قسمين: قسم رأى في الحرب الفورية ضرورة ملحة ( أمريكا وبريطانيا)، وقسم رأى تأجيل الحرب حتى يتم استنفاد «المساعي السلمية» مع العراق، واعتبار الحرب ملاذاً أخيراً (فرنسا). القسمان كانا يعتبران الحرب «حلاً» للمشكلة..

وحدها سورية في المجلس نادت «بإلغاء الحرب إلغاءً قطعياً من العلاقات الدولية»، وأكدت سورية الأمر نفسه في وثيقة مهمة اسمها «بيان موسكو» وقّعها الرئيسان الأسد وبوتين في الشهر الأول من عام 2015..

هذه البشارة حول انتهاء الحروب من العلاقات الدولية لم تصنعها سورية بالطبع كما صنعت بشارات التاريخ المذكورة.. لكن تطور السلاح العسكري المذهل هو نفسه سيؤدي إلى تحقيق الرغبة – البشارة السورية..

إنه «المعادل الثالث» الذي يتطور بسرعة مذهلة لدرجة أن تطوره هذا سيجعل الحروب مستحيلة في المستقبل. المعادل الثالث هو ما يسمى بالحرب الالكترونية أو السلاح السايبري الذي يرتكز على عدد من الآليات، أهمها إمكانية دخول أي قوة عسكرية من دون استئذان إلى التقنيات الالكترونية للقوة المعادية، الأمر الذي يجعل استخدام الأسلحة وشن حرب عملاً مستحيلاً..

تصوروا – مثلاً –  أن يُصدر البنتاغون أمراً إلى سفينة حربية أمريكية في المتوسط لإطلاق صواريخ على سورية مع إحداثيات محددة للهدف، لكن الأمر يصل إلى السفينة مزوراً تزويراً كاملاً بحيث يتضمن إطلاق الصواريخ على أهداف في تركيا أو إسرائيل مثلاً.

تقتل التكنولوجيا نفسها عبر تطورها. هذه هي الحقيقة التي ستنقذ العالم. بسبب تطور الأداة العسكرية سيصبح استخدامها مستحيلاً. لعل هذا هو منطق الطبيعة الجدلي .. تماماً كما هي حال الإنسان الذي عندما يكبر تزداد قدراته على مواجهة الحياة، لكنه عملياً يكون قد اقترب من نهايته (الموت)..

تطور السلاح سيجعل استخدامه مستحيلاً. تماماً كما استحالت الحرب المباشرة بين الاتحاد السوفييتي (السابق) وأمريكا بسبب التطور الهائل للسلاح النووي (المعادل الثاني) في إطار ما يسمى بتوازن الرعب…

بقيت مشكلة تنذر بالأسوأ.. هي مشكلة السلاح البيولوجي والبكتريولوجي الذي يرفع الكيان الصهيوني (بشارته)، لأن هذا الكيان يقوم بأهم الأبحاث في العالم لتطوير هذا السلاح..

mahdidakhlala@gmail.com