تحقيقاتصحيفة البعث

“وفق مقتضيات المصلحة العامة” عقد استثمار شركة عصير الجبل ينتهي قبل أن يبدأ العمل به

 

تحت مسمى “وفق مقتضيات المصلحة العامة”، أبرمت وزارة التجارة الداخلية عقد استثمار لشركة عصير الجبل، وتحت المسمى ذاته، وخلال فترة أقل من شهر، سُطّر كتاب بطلب إلغاء العقد.
عقد استثمار شركة عصير الجبل يعتبر حلاً استراتيجياً لمشكلة تسويق الإنتاج الزراعي في المحافظة، والحالة تثير العديد من التساؤلات، أولها: أين المصلحة العامة الحقيقية في هذا المخاض الذي استمر لأكثر من سنتين؟ وهل من مصالح شخصية كانت تختفي بين سطور العقد وملحقاته، وانتهت بانتهاء مهمة الموقعين على العقد؟ وأين هو العمل المؤسساتي من هذا كله؟.

مصلحة عامة
الذرائع التي قدمتها الوزارة كمبرر لفسخ العقد تثير أيضاً العديد من التساؤلات، فما تم تقديمه من مبررات تخدم “مقتضيات المصلحة العامة” أخذت جدلاً طويلاً، ونقاشات مكثفة انتهت بتوقيع ملحق للعقد، ومع ذلك وبعد أقل من شهر على تصريح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السابق عن استلام شركة عصير الجبل بالسويداء، تم فسخ العقد رقم /6/لعام 2018 لاستثمار شركة عصير الجبل المبرم بين المؤسسة السورية للتجارة والشركة، حيث بيّنت “السورية للتجارة” في كتابها إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رقم 1908 تاريخ 1/11/2018بأنه بعد الكشف على الشركة من قبل اللجنة المشكّلة بالقرار رقم /1416 /تاريخ 25/9/2018والاستعانة بفنيين مختصين، تبيّن أن الشركة بحاجة ملحة لإضافات وإصلاحات على خطوط الإنتاج، وهي ضرورية ويجب تأمينها لتعمل هذه المنشأة بالطاقة الإنتاجية اللازمة للوصول إلى الجدوى الاقتصادية المطلوبة، وتحقيق الأرباح، مشيرة إلى أن كلفة الإصلاحات تقدر بأكثر من /75 /مليون ليرة لصيانة الآلات وخطوط الإنتاج، بالإضافة إلى أن الآلات متوقفة عن العمل، وقد تظهر أعطال جديدة عند التشغيل، والأعطال بحاجة لشركات متخصصة من الخارج، وأوضحت المؤسسة أن إعادة التأهيل والإصلاح تحتاج إلى وقت كبير يتجاوز المواسم الزراعية للعام الحالي (بندورة– تفاح)، مع وجود ديون متراكمة على الشركة لصالح المصرف الزراعي ولوزارة المالية، وعدم وجود الكادر المؤهل لتشغيل المنشأة، مبيّنة أنه لم يتم استلام المنشأة حتى تاريخه، حيث تبيّن وجود مكاتب تحتوي على وثائق ومستندات تخص المنشأة، ووجود مواد مصنعة، ومواد أولية في مستودعاتها، الأمر الذي شكّل عائقاًً أمام استلامها أصولاً، وتتضمن الإصلاحات المطلوبة وفقاً للجنة المشكّلة للكشف عن الشركة الحاجة إلى إصلاح خطوط البندورة والعنب والتفاح، وتعبئة العصير والبقوليات وعصير البرتقال، بالإضافة إلى قسم المخبر، والحاجة إلى تجهيز الورشة الفنية بمعدات كاملة، وكذلك وجود حجوزات مترتبة على الشركة، بينها حجز تنفيذي على أملاكها لصالح المصرف الصناعي، وإشارة تأمين مع حجز ومنع تصرف لصالح مالية السويداء، وإشارة تأمين جبري لصالح مديرية المصالح العقارية، وحجز ومنع ترسيم للآليات لصالح مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وحجز لصالح إدارة الجمارك، وحجز تنفيذي على أملاك الشركة لصالح شخصين، وإذا كانت كل تلك الأعطال موجودة في الشركة، فلماذا لم يتم الكشف عنها قبل توقيع العقد؟ ولماذا تم استلام الشركة بالأصل إذا كان المعنيون يعلمون بأنها مثقلة بكل تلك الأعطال، والديون، وإشارات وقرارات الحجز؟!.

شركة متعثرة
قصة شركة عصير الجبل وتعثرها معروفة لأبناء السويداء، وهنا لن نتوقف عند تعثر هذه الشركة، “وتعثيرها” لعدد كبير من أبناء المحافظة، فهو موضوع آخر، ولكننا سنتوقف عند المباحثات الماراثونية التي استمرت لأكثر من سنتين، ألم يكن فيها خبراء فنيون قادرون على تحديد عوامل القوة والضعف في الشركة؟!.
مجلس إدارة الشركة قال في بيان له: إنه بعد مخاض طويل دام /٢٦/ شهراً بين إدارة شركة عصير الجبل الطبيعي المساهمة المغفلة العامة ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ممثّلة بالمؤسسة السورية للتجارة، تم التوافق وصياغة عقد الاستثمار رقم /٦/ لعام ٢٠١٨ ولمدة عشر سنوات، وتم توقيع العقد من قبل مدير عام السورية للتجارة وكافة المسؤولين، وبمباركة وتوقيع السيد وزير التجارة الداخلية، ورئيس مجلس إدارة شركة عصير الجبل، وتم استلام المصنع ومقر كامل إدارة الشركة من قبل السورية للتجارة بتاريخ ١٩/١١/٢٠١٨، واستمرت الأمور لغاية الثلاثاء الموافق بتاريخ ١٨/١٢/٢٠١٨، حيث ورد الكتاب رقم ٧٨١٨/١٨٤٢/٣ تاريخ ١٦/١٢/٢٠١٨ من السورية للتجارة المتضمن عدم رغبة المؤسسة السورية للتجارة باستمرار إجراءات التعاقد مع شركة عصير الجبل، وإلغاء العقد المبرم رقم /٦/ لعام ٢٠١٨ وملحقه الذي تم التوقيع عليه بحضور السيد محافظ السويداء، علماً بأن الشركة منذ توقيع العقد وهي متوقفة عن العمل بانتظار استلام المصنع والمباشرة بالعمل، بدليل أن الشركة لم تتمكن هذا العام من استلام الفائض من إنتاج الفلاحين خلال موسم ٢٠١٨ بناء على العقد المبرم، واستمرت بدفع مصاريف النقل والرواتب والأجور، بالإضافة لكافة المستلزمات الخدمية الضرورية، ما زاد في خسائر الشركة بشكل ملحوظ يستدعي لفت نظر السادة المسؤولين عن المصلحة العامة بإنصاف الشركة بتعويض عن الأضرار والخسائر المادية التي لحقت بها خلال العامين السابقين، وأن الأضرار المعنوية والشهرة وسمعة الشركة التجارية أكبر من كل الخسائر المادية، وستبقى هذه الشركة الوطنية صامدة بامتياز، وملكاً لكافة أبناء الوطن كجزء من سورية.

حبة سيتامول
طبعاً خلال الزيارات المتتالية للمسؤولين عن تسويق الإنتاج الزراعي إلى المحافظة، كان استثمار شركة عصير الجبل في مقدمة الأولويات.
عضو المكتب التنفيذي باسل الشومري قال: إن الجميع تفاجأ بهذا القرار، علماً بأنه تم استلام الشركة بحضور الوزير السابق الذي أعطى الكثير من الوعود للفلاحين، وأهمها استجرار الثمار المتضررة لهذا العام والأعوام القادمة، كون الشركة تشكّل حلاً استراتيجياً لمشكلة تسويق المنتج الزراعي في المحافظة والمحافظات المجاورة، فما كان الأمر سوى “حبة سيتامول” للفلاحين، وها هو مفعولها قد انتهى!.
رفعت الديك