اقتصادصحيفة البعث

علاقة غير طردية..!

لعل المتتبع لحيثيات العمل الحكومي وما يتخذ من قرارات تضبط آلية هذه العمل، يلحظ أن ثمة جهداً حكومياً عالي المستوى لا يزال يبذل حتى اللحظة لتحسين الواقع الخدمي وتحديداً تأمين حوامل الطاقة، وأن هذا العمل الحكومي لا يزال يأخذ طابع “إدارة الأزمة” من خلال تأمين الموارد المتاحة لتلبية الاحتياجات الأساسية بالشكل الأمثل قدر المستطاع..!

نظرياً.. يفترض أن تكون مخرجات هذا العمل على مستوى أكبر مما هي عليه الآن ولو نسبياً..!

أما عملياً.. فواقع الحال يعكس صورة سوداوية لدى المواطن لجهة شح مواد المحروقات، كونه وصل إلى درجة بات بالكأد يحظى بأسطوانة غاز على سبيل المثال لا الحصر، والأمر ذاته ينسحب على المازوت..!

وإذا ما سلمنا بأن العلاقة بين الانفراج الأمني والإنجاز الاقتصادي هي علاقة غير طردية، بمعنى أن الشق الأول من هذه العلاقة -وهو الأهم بالتأكيد- يضاعف من مسؤوليات الحكومة تجاه تحسين الواقع المعيشي للمواطن، ويرفع مستوى المتطلبات الخدمية والتنموية، فعندها علينا أن نتيقن من أننا نمر بأصعب ظروف الأزمة على الصعيد الاقتصادي..!

وإذا ما حاولنا التوضيح نجد أن ازدياد وتيرة المنشآت الإنتاجية الصناعية مرهون بالضرورة بمستوى تأمين حوامل الطاقة، وكذلك الأمر بالنسبة لاتساع رقعة الإنتاج الزراعي، واتساع رقعة إعادة سيطرة الدولة على أراضيها وما تتطلبه من خدمات مرتبطة أيضاً بضرورة تأمين حوامل الطاقة، يضاف إلى ذلك أيضاً العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية وبعض الدول الحليفة لها، الرامية إلى تقويض أية مبادرة تنموية وخدمية مهما صغرت..!

إذاً نحن أمام واقع علينا التكيف معه كمستهلكين واستيعاب ما يواجه الحكومة من تحديات، لكن في المقابل لنا حق على الحكومة كجهة معنية بتأمين المواد والخدمات الأساسية اليومية.

وإذا ما أردنا محاججة الحكومة بهذا الأمر -مع الأخذ بعين الاعتبار ما أسلفنا حول ما يحكم العلاقة بين الانفراج الأمني والإنجاز الاقتصادي- فإننا نحملها مسؤولية تعثر انسياب ما تؤمنه من سلع أساسية وخاصة المدعومة منها ولاسيما حوامل الطاقة إلى المواطن، إذ يتوجب في هذه المرحلة بالذات اعتماد آلية صارمة تضمن التزام كل الحلقات التنفيذية المسؤولة عن إيصال هذه المواد للمواطن، ونعتقد أن أهم خطوة هي الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه –مهما كبر أو صغر- التورط بخروج ولو أسطوانة غاز أو ليتر مازوت عن سياقه المرسوم له، واعتبار ذلك جرماً اقتصادياً بامتياز..!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com