اقتصادصحيفة البعث

معادلة بحاجة إلى تعديل..!

إذا ما اتفقنا بداية على أن الرأي العام هو الثروة الحقيقية للحكومة، وأن كسبه لصالحها هو السبيل الأوحد لنجاحها.

وإذا ما سلمنا بأن تعزيز الثقة بين هذين الطرفين يحتم على الأول تأمين احتياجات الثاني وإيصال الدعم لمستحقيه.

وإذا ما اجتهد الأول باتجاه تقويض حركة أولئك المتاجرين بقوت الثاني دون مواربة، واعتماد المحاسبة منهجاً لا حياد عنه لبتر أيدي هؤلاء المتاجرين…فعندها سيقدِّر الأخير إمكانات الأول والموارد المتاحة أمامه وما يواجهها من تحديات لجهة التوزيع العادل لمخرجاتها، وربما يتعاطف معها من خلال الاكتفاء بحاجاته اليومية فقط من المواد الأساسية دون أن يكتنز منها ما يفوق عن حاجته تحسباً لأزمات محتملة كما هو حاصل بموضوع حوامل الطاقة..!

استهللنا بهذه البداية في محاولة لمقاربة حقيقة أنه في الوقت الذي استطاعت فيه الحكومة تأمين المواد الأساسية ولاسيما المدعومة منها، إلا أنها –وللأسف- فشلت بإيصالها إلى المستهلك والذي هو الهدف الأساسي من كل هذه الجهود..!

ما يعني أن الحكومة إما عجزت أو تجاهلت البحث عن آليات وسبل يمكن من خلالها تحقيق الهدف المنشود، أو أن كل ما صدر من تصريحات حكومية حول تأمين السوق بما يلزم من مواد أساسية مجرد فقاعات إعلامية..!

وهنا نستبعد الاحتمال الثاني ونرجح الأول، على اعتبار أنه بإمكان أي مواطن حالياً الحصول على كل ما يحتاجه وبما يشاء من كميات من هذه المواد ولكن بأسعار السوق السوداء، وليس بالسعر المدعوم، بدليل أن المازوت متوفر في السوق السوداء وبسعر تجاوز حاجز الـ 250 ليرة، وتعدى سعر أسطوانة الغاز الـ6000 ليرة في السوق السوداء؛ ما يعني أن الحكومة نجحت بتأمين هذه المواد وفشلت بإيصالها للمستهلك وتخليصه من ظاهرة الاحتكار وتجار الأزمات، رغم سهولة إيصالها مقارنة بتأمينها…!

لا يمكن تجاهل ما تقدمه الحكومة من دعم باتت فاتورته أكثر ثقلاً في ظل ما نعيشه من أزمة أطبقت الخناق على البلاد والعباد من جهة، وما يتعرض له هذا الدعم من هدر يشتت بوصلته المنشودة ليصل لغير مستحقيه في بعض الأحيان ولتجار الأزمات في كثير من الأحيان من جهة أخرى..!.

وللإنصاف يسجل للحكومة وفاؤها بعضاً من وعودها خاصة تجاه توافر المواد الأساسية في مثل هذه الظروف العصيبة ونخص بالذكر (الخبز والمحروقات) والتي نجحت سلطتنا التنفيذية بتوفرها، ليبقى أمامها العمل على إيجاد آلية عادلة تضمن إيصال هذه المواد وبسعرها المدعوم إلى من يستحق، فتلك هي العقلنة الفعلية..!

ح. النابلسي

hasanla@yahoo.com