ثقافةصحيفة البعث

أربينة فوسكيان: أعمالي تعطي حياةً وروحاً للوحة

الفنان الحقيقي هو ذاك الذي يصر على الحياة والعطاء رغم كل ما يحيط به من دمار وخراب، ويمرر النور إلى أرواحنا تماماً كما يمر الضوء في لوحاته وأعماله، وهذا ما تتصف به أعمال الفنانة التشكيلية أربينة فوسكيان التي دفعها عشقها لدمشق القديمة وشغفها بالفن للعودة إلى المشهد التشكيلي السوري عبر معرضها “شفافيات 8” المقام حالياً في مرسم فاتح المدرس والذي يستمر لغاية 26 الشهر الجاري.

أسلوب واحد
أربينة التي أقامت عدة معارض داخل سورية وخارجها خريجة كلية الفنون الجميلة عام 1974 تقول عن معرضها الحالي بأنه يضم 40 لوحة من قياسات مختلفة تتراوح بين الصغير والكبير، قدمت من خلاله مواضيع مختلفة كالطبيعة الصامتة والفصول والموسيقى التي أعشقها جداً، وكذلك قدمت ثلاث لوحات عن الأزمة التي يتعرض لها وطننا مسلطة الضوء في إحداها على الأيادي التي تحمي الوطن وتدافع عنه لأعطي فكرة عن الوضع الصعب الذي مررنا به، ولكن أبرز المواضيع التي ركزت عليها هي دمشق القديمة التي تربطني بها علاقة خاصة وجميلة منذ بداياتي الفنية وقدمتها بأسلوبي الخاص وحسب رؤيتي لها وبأسلوب تجريدي.
وعن الخصوصية والجمالية التي شدتها في تفاصيل دمشق القديمة أجابت: دمشق معروفة بالبيوت المتلاصقة ببعضها البعض وبوجود الأقواس التي تربط بينها والتي استعملتها في لوحاتي للدلالة على الحميمية والعلاقات الاجتماعية الطيبة، ولا تخفي أربينة أن عشقها لدمشق جعلها محور جميع معارضها السابقة ولكنها كانت تجدد في الأسلوب في كل مرة، وما يميز معرضي الحالي هو تطور الأسلوب وطريقة معالجة اللوحة والموضوع، فكل معرض جديد هو خطوة إلى الأمام، ويمكن القول إنني قدمت مواضيع متنوعة ولكن بأسلوب واحد هو ما يميز أعمالي، وهو الأسلوب الذي اعتمدته منذ معرضي “شفافيات الأول” عبر استخدام مواد شفافة سواء من البلاستيك أو ألياف الزجاج التي تسمح بتمرير الضوء إلى أعمالي وتمنحها روحاً وحياةً، كذلك باستخدام ألوان خاصة بهذه المواد الشفافة وهي غالباً ألوان تميل للبهجة والفرح.

غياب وأسباب
أربينة التي كان آخر معرض لها في سورية عام 2010 توضح أن سبب ذلك الغياب هو الأزمة التي عانى منها الوطن والتي جعلت معظم الصالات تغلق أبوابها، فالحرب السورية كان لها تأثير كبير وسلبي على الفن التشكيلي، وعلى كل مناحي الحياة ومن الطبيعي أن تؤثر على الفنان الذي أصبح في وضع سيء وغير قادر على تأمين معيشته بالاعتماد على تسويق وبيع لوحته لأنه وباختصار “الفن واللوحة ما بيطعموا خبز” ولكنها تلفت إلى أنه بالرغم من انقطاعها عن إقامة معارض أو عرض أعمالها إلا أنها لم تتوقف عن الرسم يوماً، معربة عن سعادتها بمعرضها الحالي ومنوهة أن هذه الفترة تشهد نشاطا ملحوظا في جميع النواحي الفنية سواء معارض أو ندوات وهناك معارض مستمرة في معظم الصالات، لافتة الى أن هناك تفاوتاً في مستوى ما يتم تقديمه ولكن يجب تقبل الكل وفتح الأبواب للجميع لكي تعود الحياة من جديد، مشيرة إلى أن بعض الفنانين كانت غاية أعمالهم أن يثبتوا للعالم أننا موجودون ونستحق الحياة، معتبرة أن الصالات الخاصة تؤدي دورا كبيرا في إنعاش الحركة الفنية وفي استقبال الفنانين وتأمين الدعم والتغطية الإعلامية اللازمة. وعن دور المؤسسات الثقافية في رفد الحركة التشكيلية ودعم الفنان فترى أربينة أن دورها ضعيف جداً وهي لا تقدم للفنان أي نوع من أنواع الدعم لا المادي ولا المعنوي، فهو يعتمد على مجهوده الشخصي في كل المجالات، وتكتفي تلك المؤسسات- التي تعاني من نقص الإمكانيات المالية وما تزال في أولى خطواتها- بإقامة معارض في المناسبات.

أولوية أو رفاهية
وفيما يخص تأثير أدوات التواصل الاجتماعي على انتشار اللوحة، تؤكد أربينة – التي لا تمتلك أي حساب على مواقع التواصل- أهمية هذه المواقع كنوع من الدعاية والتسويق والمساهمة في انتشار الأعمال فهي أصبحت رديفاً سهل الاستخدام حتى أن الدعوة إلى المعارض أصبحت تعتمد عليها، ولأنها ليست ضد التطور، لفتت ضاحكة أنها تفكر في إنشاء حساب على الفيسبوك قريباً فهو أصبح من متطلبات العصر، وفيما يتعلق بتسويق اللوحة ترى أن الوضع اختلف تماماً عما سبق وظروف الأزمة ومتطلبات الحياة جعلت اقتناء اللوحة ليس من أولويات الناس، بالإضافة إلى أنه نادراً ما يتم تسويق اللوحة وليس هناك حركة بيع وشراء، واللوحة باختصار أصبحت رفاهية بالنسبة للمواطن السوري وليست أولوية.
لوردا فوزي