صحيفة البعثمحليات

ويستمر النزيف!!

يأتي من ضمن مهام وزارة التعليم العالي بموجب مرسوم إحداثها العمل بكل الوسائل المتاحة لتحفيز الكفاءات والخبرات الوطنية المتميزة بجودتها، والتي تعمل وتدرس بالخارج للعودة إلى أرض الوطن، وخاصة أننا اليوم بأشد الحاجة لجهودهم في كل المجالات التي سجلوا فيها حضوراً أبهر العالم.

مبعث الحديث عن عودة الكفاءات هو استمرار النزيف لكوادرنا الشابة والخبيرة منذ بداية الحرب عام 2011 ولغاية اليوم، والمؤسف عدم وجود أي إجراء لمنع هجرة هؤلاء من قبل الجهات المختصة، علماً أن هناك لجنة وطنية تم إحداثها تضم عدة وزارات ومنظمات ونقابات بغرض إيجاد الإجراءات التي تحد من الهجرة، فماذا فعلت هذه اللجنة، أعطونا إجراء  واحداً يبرر وجودها، ونحن نعلم أنها عقدت أكثر من اجتماع؟!

ولعل النزيف الأخطر هو ما يخص الكادر التدريسي في الجامعات وخاصة في الكليات الطبية التي باتت شبه خاوية من خيرة أساتذتها، دون أن تقوم وزارة التعليم العالي بأي إجراء لتعويضهم، فما الذي يمنعها من إجراء مسابقات لتعيين أعضاء هيئة تدريسية جدد؟!

والمصيبة أن “التعليم العالي” تعلم أن نسبة عودة الموفدين للدارسة في الجامعات العربية والأجنبية في أدنى مستوياتها، فمن بين كل 100 موفد لإكمال الدراسات العليا يعود بحدود الـ 10%، وهذا مؤشر خطير ومخيف، ومع ذلك لم تتخذ الوزارة أي إجراء سوى إيقاف الإيفاد الخارجي لبعض الدول، وفرض عقوبات مالية على كل من يتخلف عن العودة، ولكن هذا لم يكن كافياً ولا حتى رادعاً؛ لأن الحافز المادي الكبير في بلدان الإيفاد يمكنهم من دفع ما يترتب عليهم!!

بالمختصر، نحن أمام واقع مؤلم وذي شجون، وليكن بعلم أصحاب الشأن أن خبراتنا في الخارج لا يمكن أن تعود إن لم يكن هناك محفزات حقيقية تحقق لها المناخ المناسب للعمل والإبداع، بالإضافة إلى إنصاف من هم يعملون داخل الوطن، فهل نتعظ ونتحرك اليوم قبل الغد للمحافظة على ما تبقى من خبراتنا، والتفكير بآلية مجدية تغري طيورنا المهاجرة بالعودة من جديد لتحلق في سماء الوطن، وتحط رحالها ولتساهم في إعادة الإعمار؟!

غسان فطوم

ghassanfattoum@gmail.com