ثقافةصحيفة البعث

عصام يوسف: نعمل جميعاً لإلغاء هذا اللون الأسود

 

يخاطب الفنان عصام يوسف بريشته وألوانه جغرافية سورية بمعرضه”يا شام” المقام حالياً في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- وقد أدخل البحر والصخر ليسرد عبْر تكوينات المدينة التي شكّلها بإيقاع هندسي ينبض بالحياة بالأنثى بكثير من الرموز بالبيوت المتلاصقة والنوافذ والأبواب حكاية الحرب السورية، واللافت أنه أورد الحكاية بما يشبه الرواية التشكيلية بثلاثة فصول، فكما قال بدأ بحالة الدمار إلى حالة الرحيل للسوريين كيف هاجر بعضهم من سورية، وكيف هُجر كثيرون من مناطقهم نتيجة الحرب والأوضاع غير الآمنة.، ليتوقف عند حالة إعادة الأمان والاستقرار وانتصار سورية في لوحات كثيرة كان اللون الأبيض هو السمة الأساسية التي تشكّل الخلفية التي ترتكز عليها الرموز والدلالات إشارة إلى انتصار سورية.

ويرمي يوسف من خلال اللون الأسود الذي يتقاطع بومضات خاطفة مع اللون الأبيض إلى الحالة السلبية التي كانت تعيشها البلد خلال سنوات الحرب، فيقول: كل المناطق السوداء كانت تنبعث منها بقعة ضوء في دلالة إلى الحالة الذهبية والمرحلة البيضاء القادمة إلى حالة النجاح والسلام والانتصار، وأنا يعنيني الفكر الذي جعل المسلحين يحملون السلاح، أنا أعبّر عن الحالة السوداوية التي يجب أن نقاومها بتضافر كل الجهود الحكومة والجهات والأفراد، وأن نعمل جميعاً لإلغاء هذا اللون الأسود.

الباب مرحلة جديدة

ويبدو الأسلوب التعبيري الانطباعي هو السائد في اللوحات لاسيما التي ارتبطت بشكل خاص بالرموز “السمكة– الديك– الحمامات البيضاء- الأنثى” إلا أن الإصرار على تكرار النوافذ والأبواب كان المحرّض والمثير لدى المتلقي فأوضح بأن الحياة كلها أبواب، وكل الجدران تحتاج إلى أبواب ونحن أيضاً، لأن الباب رمز للدخول إلى المرحلة الأخرى التي ستكون أفضل من المرحلة السابقة.

أما عن بقية الرموز فيشدنا الديك الذي كان علامة مميزة في أغلب اللوحات وبدا بإيماءات لونية مختلفة مرة بالأحمر ومرة بالأسود، فبيّن يوسف بأن الديك أهم عنصر في لوحاته لأنه يعبّر عن يوم جديد عن الغد عن الأمل عما نتمناه.

ومن الواضح حضور الأنثى الطاغي وارتباطها في ظل السمكة والحمامات البيضاء في غياب تام للرجل، ليقول: لا وجود أبداً للرجل في لوحاتي أما الأنثى فترمز إلى التجدد إلى الخصوبة إلى الحياة إلى الغد المرتقب.

وعن تصوير المرأة في بعض اللوحات معصوبة العينين أو تغطي عينها بمساحة من السواد، لفت إلى أن الرؤية بالعين لا قيمة لها إذا لم يمتلك الإنسان البصيرة.

والواضح أن سطوح لوحات يوسف ملساء لا تغطيها كثافة لونية في مواضع ويضيع فيها المركز لأنها مشغولة بكثافة فنية تملأ فضاء اللوحة كلها أما المركز فأوضح بأن اللوحة برمتها مركزية فأي مكان في اللوحة هو مركز وأية إشارة أو رمز هو مركز، فأنا لا أعتمد على هيكل أساسي ليكون العنصر الأساسي في اللوحة يمثل مركز اللوحة، وهذا أسلوبي الذي يختلف عن الآخرين، وقد تعلمنا في دراستنا الأكاديمية بأن هناك مركزاً للوحة وأنا على خلاف ذلك، فكل ثلاثين سنتمتراً من اللوحة توحي بأنها المركز، لتكون كل عناصر اللوحة مركزاً، ليصل إلى تقنية الهدم والبناء وإيجاد صياغات جديدة للوحة برؤية الفنان وبصياغته التي يود تقديمها إلى الآخر.

والملفت أيضاً أن معرض عصام يوسف يعج بحركة الزائرين والتشكيليين والمهتمين فعن رأيه بآراء الزائرين يقول: إن عدداً منهم ذهلوا بأسلوبية اللوحات إلى درجة الدهشة، في حين أعجب كثيرون من التشكيليين ومن الذين يعرفون قراءة اللوحة بأسلوبي الجديد الذي ينعطف في لوحات نحو التعبيرية التجريدية الذي أوصل من خلاله رسالتي فمن خلال هذا المعرض سأبدأ مرحلة جديدة، والفنان يحتاج إلى ثقافة فلا يمكن للفنان تقديم لوحة لا تهدف إلى رسالة أنا لا أقدم نفسي جمالياً بل فكرياً وجمالياً معاً بتواز، واللوحة إذا كانت لاتحمل هذين العنصرين فبرأيي تسقط فنياً، وتوصل المتلقي إلى حالة الملل.

وتحدث الفنان يوسف حول ميل الكثير من المهتمين بجماليات الفنّ التشكيلي بالواقعية، وبرأيه أن الواقعية في زمننا الحالي لاتحتاج إلى فنان، إنما إلى مصوّر بارع، فتقنيات الكاميرات الحديثة قادرة على تقديم الصورة بأي نوع من الفنون، بينما التعبيرية بفروعها تحتاج إلى ثقافة فنان، ليخلص إلى أن المدارس الفنية أوصلت الفنانين إلى حالة الاختناق، وأنه لا وجود اليوم للمدارس، يوجد فنان توجد له بصمة خاصة ويشتغل ضمن كل المدارس الفنية، فالفكر الحرّ الإبداعي لا يقيد بإطار محدد أو بدائرة مغلقة، يحتاج إلى مساحة الفضاء.

ملده شويكاني