اقتصادصحيفة البعث

بالعناية المركزة للحكومة..!؟

مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، أيام حكومة الرئيس فرانسوا ميتيران، شهد سعر صرف الفرنك الفرنسي تراجعاً حاداً أمام الدولار الأمريكي.
الخبر يبدو عادياً جداً في شكله، لكن ما عمدت إليه الحكومة الفرنسية آنذاك هو الخبر ومربط الفرس، الذي يجب أن يكون عبرة وخبرة، لأية حكومة تواجه مثل هذا الحدث أو غيره، خاصة أن القرار الذي اتخذته تلك الحكومة أدى لإعادة القيمة والاعتبار لعملتها الوطنية، وفي مدة عام واحد فقط.
فماذا فعلت..؟!
اتخذت الحكومة قراراً ملزماً، وقامت بتعميمه على جميع المؤسسات والشركات السياحية الفرنسية، طالبت بمقتضاه الجهات العاملة في مجال تصدير السياح الفرنسيين إلى الأسواق السياحية العالمية، عدم قيامها بأية رحلة سياحية لفرنسيين خارج فرنسا.
وفعلاً- وهذا ما كان لافتاً – لم يُسجل خلال العام بأكمله، قيام مؤسسة أو شركة فرنسية بإرسال رحلات سياحية خارجية، كما لم يُسجل قيام فرنسي واحد برحلة سياحية خارج فرنسا، فقد التزم الكل دون استثناء بالتسوح في وطنه..!؟
الآن نأتي إلى ما يجري عندنا في سورية، مؤسسة كذا الدولية لتنظيم الرحلات السياحية والسفر، تعلن عن قيامها برحلة سياحية إلى تونس، وبكلفة نحو ألف دولار أمريكي للشخص الواحد، وبفيزا سياحية (للدقة 985 دولارا)..!
أما الأمر الآخر الذي فاجأنا واستغربناه حقيقة، وجعلنا نهرش شعر رأسنا، إرفاق المؤسسة المنظمة إعلانها عن الرحلة (الأولى وهناك رحلة ثانية)، بملاحظة، على صفحتها، تلفت فيها إلى إمكانية أخذ قرض مصرفي لأجل القيام بالرحلة، من أحد البنوك الإسلامية العاملة في سورية..!؟
والسؤال الذي نضعه على طاولة أصحاب القرار في حكومتنا هو: هل يمكننا اتخاذ قرار مماثل للقرار الفرنسي..؟
أما السؤال الذي نوجهه لمثل تلك “المؤسسات” السياحية السورية، فهو هل ستلتزمين بهكذا قرار، والسؤال موصول أيضاًً للمواطن السوري الذي يمكنه القيام بمثل تلك الرحلات الخارجية، وبتلك الكلفة التي لا تكاد تذكر عند الكثير، والتي لن تقتصر على 985 دولاراً، بل ستتجاوزها بكثير؛ لأن هناك نفقات إضافية سينفقها سائحنا حكماً، نتيجة لما سيقوم به من “شوبِّنغ” وغيره، وخاصة في ظل المغري كثيراً سياحياً في السوق السياحية التونسية، التي تعتمد على إنفاق السائح، أكثر بكثير من سعر الغرفة والليلة الفندقية..؟

قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com