صحيفة البعثمحليات

تجار العلم يضعون سم “الملخصات” بدسم المناهج المطورة “التربية” تقطع أشواطاً في التطوير والتدريب وتتوعد المسيئين  بالمحاسبة

لا تقل الملخصات الدراسية خطورة عن ظاهرة  الدروس الخصوصية في تشتيت ذهن الطالب والتشويش على المناهج المطورة التي تسعى من خلالها وزارة التربية وفق خطة منهجية للانتقال بالطالب من موقع المتلقي والحفظ إلى التفكير والتفاعل وترسيخ أفكار جديدة، كالتعلم النشيط والذاتي والمهاراتي، إلا أن تجار العلم من بعض المدرسين وأصحاب المكتبات لا هم لهم إلا الربح ولو كان على حساب جيل بكامله عبر نشر إعلانات على أبواب المكتبات مفادها توفر ملخصات لجميع المواد حسب المناهج الحديثة.

في الواقع تقوم الكثير من المكتبات بالترويج  لتلك الملخصات على  أنها موضوعة من خيرة المدرسين وبشكل مبسط عن المنهاج المطورة، وكأن المناهج معقدة لا يمكن فهمها أو شرحها من قبل مدرسي التربية في المدارس؛ مما جعل الطلاب يتجهون إلى تلك الملخصات لعلها تكون باباً لنجاحهم وتختصر عليهم الطريق والوقت، إلا أنها في الحقيقة كالسم بالدسم، فهي تقيد ذهن الطالب في بضع صفحات، وتجمد أفكاره بمعلومات محدودة الصلاحية لتجاوز الامتحانات فقط – حسب رأي خبير تربوي – الذي حذر من تحويل الكتاب المدرسي الذي تم إعداده وطباعته بمبالغ طائلة، إلى مجرد كتاب ثانوي لا فائدة منه، عازياً السبب إلى أخطاء يرتكبها بعض الأهالي، واتكالية الطالب، وجشع بعض المعلمين، الذين يصطادون في المياه العكرة  وخاصة مع التطوير الحاصل في المناهج والنقلة النوعية ولاسيما أن وزارة التربية قطعت أشواطاً متميزة في مجال تطوير المناهج ومتابعة هذا التطوير من خلال النهوض بقدرات حاملي الرسالة التعليمية (المدرس) حسب تأكيدات وزير التربية عماد العزب الذي شدد على ضرورة التخصص في العمل من خلال تشبيك ذوي العلاقة ضمن أسلوب مؤسساتي، والاستفادة من نقاط القوة واستثمارها، وتخطي نقاط الضعف.

استراتيجيات وطنية

وزير التربية بدا حرصه على جودة العمل التربوي من خلال لقاءاته مع المعنيين، حيث وجه بوضع الآليات الكفيلة بما ينسجم والإطار العام للمناهج، ومناقشة الاستراتيجيات الوطنية لتطوير التعليم وصولاً إلى وضع استراتيجية وطنية للتدريب والتأهيل تتوافق ومتطلبات تطوير أداء الموجهين الاختصاصين، وخاصة أن المناهج الجديدة تتضمن مهارات حياتية كثيرة وجوانب تمس شخصية المتعلم لتنمية هذه الجوانب، وتدريب المعلمين على تحويل هذه المعارف والخبرات إلى مهارات حياتية وتطبيقها على أرض الواقع، وذلك حسب ما أوضحه مدير التوجيه في وزارة التربية المثنى خضور الذي لفت إلى أهمية المرحلة التجريبية لتدريب الموجهين الذين ينقلون المعارف والخبرات إلى المعلمين ويتابعون مراحل التطبيق، ويقدمون تغذية راجعة عن مدى جودته والثغرات الموجودة لتلافيها بالمرحلة القادمة.

ملاحقة ومحاسبة

واعتبر مدير التوجيه أنه لابد من لحماية الملكية الفكرية للمناهج، ومنع إصدار الملخصات والمحاليل التي تسيء من حيث المبدأ لهذا المناهج، وتنقص الهدف منه، ولاسيما أن المناهج بنيت على أنشطة يقوم فيها الطالب ليكتسب المعرفة والمهارات اللازمة والمطلوبة، مشدداً على ملاحقة كل من يسيء للمناهج بشكل قانوني وتربوي وذلك من خلال مؤسسات الوزارة المعنية، في الوقت الذي لم يخفِ موجهون تربويون خطورة نتائج ظاهرة الملخصات، واعتماد  الطلاب على مصادر محددة ومختصرة تفتقر إلى الكثير من أساسيات وعناصر المقرر؛ مما يؤدي إلى قتل موهبة البحث ومهارة اكتشاف الحقائق لدى الطلاب، كما يفقدهم الكثير من المعارف والمهارات الأساسية التي قد تكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في تدني مستوى التحصيل العلمي.

تنوع وتعاون

ويتفق الخبراء التربويون على خطوات يجب على المعلم اتباعها، ومنها الحرص على التنوع في استخدام طرق التدريس المختلفة ووسائل تكنولوجيا التعليم الحديثة المتاحة والتي تبعد الملل والضجر عن المتعلم وتشد انتباهه نحو المتابعة واكتشاف المعلومات والبحث عن الحقائق، مشددين على ضرورة متابعة الأسرة على مدى العام الدراسي، وكذلك الزيارات المستمرة للمدرسة بصفة دورية لمناقشة التربويين فيما يخدم ويحقق المصلحة العامة للمتعلم مما يخفف التوتر ويزيل الرهبة قبل الامتحانات وخاصة الشهادتين.

وطالب متابعون للشأن التربوي  بتعاون الجهات المعنية مع وزارة التربية وذلك من خلال ملاحقة من يروج لهذه الملخصات، وضبط  أصحاب المكتبات المخالفة من قبل دوريات الرقابة ومحاسبتهم حسب القوانين والأنظمة.

تأهيل ومنصات

في المقابل ثمة استمرار من قبل وزارة التربية في تكثيف الدورات  وتأهيل المدرسين على المناهج المطورة، حيث بين مدير المركز الوطني لتطوير المناهج الدكتور دارم طباع أنه تم تدريب حوالي/70/ ألفاً من الأطر التربوية (مدرس، مدرس مساعد، معلم) خلال العامين الماضيين.

ونوه طباع إلى أهمية المنصات التربوية في زيادة الناتج المعرفي وتطوير المهارات بأشكال حديثة مطوّرة إبداعية، وتسهيل عملية مشاركة هذا الناتج بين مختلف شرائح المجتمع بنوعه الصريح، حيث تشمل المنصة قاعدة معطيات معرفية صريحة تضم المناهج التربوية ومصادر التعلّم (كتب إثرائية وعروض تقديمية… إلخ)، إضافة للمؤتمرات العلمية والمشاركات التفاعلية التعليمية التربوية المرئية والسمعية، والنقاش من خلال الشبكة من أجل نقل المعرفة المضمرة.

ويبقى القول الأخير في أهمية تضافر الجهود وتعاون الأسرة مع المدرسة في متابعة العملية التعليمية لضمان مستقبل أبنائهم.

علي حسون