أخبارصحيفة البعث

روسيا: على الأوروبيين عدم السماح بتحويل قارتهم إلى ساحة مواجهة

جددت روسيا، عبر وزير خارجيتها سيرغي لافروف، تأكيدها أنها سترد بوسائل عسكرية وتقنية على التهديدات المترتبة على انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ، وخططها لإنتاج أسلحة نووية محدودة الشدة، وذكّر بأن الخبراء الروس والأجانب، يجمعون على أن انسحاب واشنطن من المعاهدة، سيخفض بحدّة من قيود استخدام الأسلحة النووية، وسيزيد خطر اندلاع مواجهة نووية.

وقال لافروف، في كلمة أمام طلاب الجامعة الروسية في بيشكيك: “نحن لا نسعى للدخول في سباق للتسلّح، كما في الحرب الباردة”، مشدّداً على أنه لا يجوز الحديث عن نشوب حرب باردة جديدة، بسبب خروج واشنطن من معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وأشار إلى أن روسيا مستعدة للحوار مع الولايات المتحدة حول الاستقرار الاستراتيجي، إذا كان هذا الحوار ندّياً، وإذا تم الأخذ بالمصالح المشروعة لكل طرف.

كما دعت روسيا الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي “ناتو” إلى عدم السماح بتحويل أوروبا إلى ساحة للمواجهة، وقالت الخارجية الروسية في بيان: “لو كان حلفاء واشنطن الأوروبيون مهتمين فعلاً بالحفاظ على رقابة دولية فعّالة على التسلّح ونزع السلاح وعدم الانتشار لما اتبعوا مسار السياسة الأمريكية لتحقيق التفوق العسكري بشكل أعمى”، موضحة أن بيان الناتو في الأول من الشهر الجاري صدر قبل فترة طويلة من تلقي موسكو الإشعار الرسمي الأمريكي بتعليق الالتزام بمعاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وأضافت: كان على الدول الأوروبية الاسترشاد بالمصالح الأساسية للأمن وعدم السماح بجعل أوروبا ساحة مواجهة مرة أخرى، وهذا ما سيحدث بكل تأكيد إذا ما أقدمت الولايات المتحدة على نشر صواريخها في أوروبا.

في الأثناء، حذّر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشوف اليابان من تقويض علاقتها الجديدة مع روسيا عبر إطلاق مزاعم بشأن انتهاك موسكو المزعوم لمعاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى.

وكان يوشيهيد سوغا المتحدث باسم الحكومة اليابانية، قال: إن حكومة بلاده تعتقد أن روسيا تنتهك المعاهدة، وبالتالي فإن طوكيو تفهم دوافع واشنطن وراء تعليق التزاماتها بموجب الاتفاق.

وقال كوساتشوف تعليقاً على الموقف الياباني: من خلال إطلاق مثل هذه التصريحات تقوّض طوكيو الثقة التي بدأت بالظهور مؤخراً بين بلدينا، كما توجّه ضربة جديدة لسمعتها كلاعب مستقل في الساحة الدولية، وتابع: إن اليابان ترتكب الآن خطأ فادحاً، ومن الضروري في حال أردنا إقناع الدول الأخرى بالانضمام إلى هذه المعاهدة التاريخية أن نبذل كل جهد لإنقاذها بدلاً من الخنوع لمحاولات الولايات المتحدة تقويضها، وأضاف: إن اليابان وفي اتباعها للمنطق الغربي كان لزاماً عليها أن تكرر الرواية الروتينية المعتادة التي تتهم روسيا بانتهاك المعاهدة.

في سياق متصل أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن قرار ترامب الانسحاب من معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدى الموقّعة مع روسيا يثبت تبنيه ودفعه باتجاه سباق تسلح نووي جديد في أوروبا وآسيا، وأوضحت أن قرار الانسحاب من المعاهدة يتماشى تماماً مع ميول ترامب للانسحاب من شتى الاتفاقات الدبلوماسية، ابتداء من الاتفاق التجاري لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وصولاً إلى اتفاقات دولية أخرى، بما فيها اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران، واعتبرت أن معاهدة الصواريخ كانت بمثابة حجر زاوية في علاقات روسيا والولايات المتحدة وعنصراً مركزياً في استراتيجية الأمن الأوروبي لأكثر من ثلاثة عقود، ولا سيما أن التوقيع عليها عام 1987 كان لحظة حاسمة في السيطرة على الأسلحة أيام الحرب الباردة.

ولفتت الصحيفة إلى أن أسئلة عديدة تحوم الآن حول مستقبل معاهدة ستارت الجديدة، وهي اتفاقية منفصلة صيغت عام 2011 للحد من عدد الرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية التي تنشرها روسيا والولايات المتحدة، ومن المقرر أن ينتهي العمل بهذه المعاهدة في عام 2021، غير أن التوترات الحالية تشير إلى أن انهيارها قد يكون قاب قوسين أو أدنى، ورغم دعوات روسيا للحفاظ على معاهدة الصواريخ النووية إلا أن ترامب أصر على تنفيذ خططه بالانسحاب منها، ليضع العالم أمام سباق تسلّح يخدم مصالح واشنطن.

في السياق ذاته قال الحاكم وعضو مجلس النواب التشيكي ياروسلاف فولدينا: إن انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ يمثّل عملاً غير مسؤول وخطير إلى جانب أنه عمل إجرامي، مشيراً إلى أن هدف الإدارة الأمريكية من هذا الأمر إبعاد الأنظار عن المشاكل الحقيقية والتهديدات التي تواجه العالم، فيما عبّر رئيس الحكومة التشيكية اندريه بابيش عن الأسف لانسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة، معرباً عن الأمل بأن تتمكن روسيا والولايات المتحدة في النهاية من الاتفاق، وعدم تعريض العالم لخطر الحرب النووية ولسباق تسلح جديد، كما كان الأمر في زمن الحرب الباردة.

في الأثناء أظهر استطلاع جديد للرأي أن أغلب المواطنين الروس يؤيدون الحفاظ على معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدى، وبيّن الاستطلاع، الذي أجراه مركز أبحاث الرأي العام الروسي، أن 63 بالمئة تقريباً من المواطنين الروسيين الذين أدلوا بآرائهم يعتقدون أن روسيا مهتمة بالمعاهدة، ويرغبون ببذل كل الجهود للحفاظ عليها، فيما رفض نحو 74 بالمئة من المشاركين الاتهامات الأميركية لروسيا بانتهاك المعاهدة، واعتبروا هذه الاتهامات بلا أساس، فيما رأى 49 بالمئة من المستطلعين أن الاتفاقية تصب في مصلحة الطرفين الروسي والأمريكي.