اقتصادصحيفة البعث

ولا يزال المشهد مستمراً !

بعد أن أكلوا “الأخضر واليابس”..!؟

لم يأتِ معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب بجديد حين كشف  أن المواد مجهولة المصدر المهربة التي انتشرت في أسواقنا انتشار النار في الهشيم منذ سنوات، مصدرها محافظة حماة، بل أكد المؤكد..!

ولعل استخدامه لكلمة “ملاحظة” حين قال: إن دوريات حماية المستهلك لاحظت ذلك، ولاحظت الكميات الكبيرة الداخلة من تلك المحافظة، لم تكن موفقة مطلقاً..!

فالموضوع كان معروفاً ومثبتاً ومن أعلى المستويات الرقابية وغير الرقابية، لكن لم يكن أحد ليجرؤ على تسمية الأشياء بمسمياتها..!

كلامنا ليس تحليلاً أو رأياً، وإنما يستند لوقائع مسجلة، ففي أحد الاجتماعات الاقتصادية -منذ أكثر من سنة- أكد أحد المديرين أن حماة هي قلب التهريب, وحين سُئل المدير من مسؤول أعلى عمن يهرب ومن هم..؟ رد عليه هم معروفون، وأنت وأنا نعرفهم، وهكذا استمر الموقف بين أخذ ورد، تعرفهم وأعرفهم،  وكان هذا بوجود وحضور عدد من الوزراء والمديرين الحكوميين..!

اليوم يبدو أن القرار اتخذ والضوء الأخضر أُعطي للسلطة التنفيذية لمواجهة هذا الوباء الاقتصادي، ويمكن استشفاف هذا مما خلص إليه مجلس الوزراء مؤخراً، حيث لوحظت نبرة جازمة تنبئ ببدء مرحلة الكي الجدي لجرح التهريب، بعدما استفحل حتى كاد يستنزف كل أدوية خزينتا العامة..!

ربما كنا سنجد عذراً -ولو على مضض- لما كان مسكوتاًَ عليه، ونجد له الأسباب الموضوعية المخففة، بحجة الضرورات التي تبيح ارتكاب المحظورات، كوننا نتعرض لحصار وعقوبات وحرب اقتصادية.

لكن كشف مدير حماية المستهلك بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عن عشرات من الضبوط التي تم تحريرها بمواد مجهولة المصدر لعدد من السلع الغذائية الضارة بالصحة العامة يتم تداولها وبيعها، يضعنا أما مسؤوليات لا مناص منها أبداً، تقضي بمواجهة أكبر لأخطر القضايا المتمثلة بالغذاء الفاسد، الذي يستهدف ثروتنا البشرية في صحتها، وما يعني هذا الاستهداف من فواتير مالية وغير مالية ضخمة تهدر..!

استنزاف اقتصادي وصحي ونقدي كبير جداً، وكله بفضل التهريب، عانت وتعاني منه خزائننا ومدخراتنا العامة والخاصة، أدخلنا في متوالية من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

استنزاف أزف الوقت لإقامة الحد على من كل من ارتكب ويرتكب ذلك دون استثناء، حد ليس أقله فرض غرامات وتعويضات على قدر الجرائم التي ارتكبت بحق الوطن والمواطن، فرضها على كل من تآمر وأدخل وساهم وسهل وسوق وروج وسرق ليعبئ جيوبه في الداخل وخزائنه في الخارج على حساب صمود اقتصادنا الوطني.

عندما يتم هذا يمكننا التصديق فقط أن قرار مواجهة التهريب ومكافحته جدي وحازم، وبذلك فقط تكسر سلطتنا التنفيذية راية التهريب وتهزم غيلانه، بعد أن أكلوا الأخضر واليابس..!

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com