اقتصادصحيفة البعث

مسعى حكومي باتجاه إعداد قاعدة بيانات تضعها على السكة الصحيحة رئيس الوزراء يعد بقرارات مفاجئة يتوقع أن تصوب “صناعة الحديد”

 

لعل سمة “الحديدي” التي لازمت اجتماع خصته الحكومة أمس لفتح ملف صناعة الحديد من خلال ما طرح من تفصيلات بسقف مفتوح، دفعت برئيس مجلس الوزراء بالطلب من غرفة صناعة دمشق تزويد وزارة الصناعة خلال فترة أقصاها الثامن عشر من هذا الشهر، ببيانات دقيقة عن واقع معامل وورش صهر وتصنيع الحديد “البيليت والدرفلة”، لتشخيص حيثيات صناعة الحديد بكل مكوناتها “عددها وعدد عمالها – قدرتها الإنتاجية والتشغيلية القصوى منها والدنيا – حاجتها للخردة ..إلخ”، ليصار إلى اتخاذ قرارات عادلة وتشجيعية تضمن ليس استمرار هذه الصناعة وحسب، بل تطويرها بما يتواءم مع الإعمار.

شد الحبل
لم يخلُ الاجتماع الذي جمع ممثلي صناعة الحديد والمواد الأولية اللازمة لها في القطاعين العام والخاص، من حالة شد طرف الحبل كل حسب مصالحه، ففي الوقت الذي دعا فيه البعض إلى وقف استيراد البيليت، كون أن معامل الصهر والبالغ عددها 3 معامل، واحد للقطاع العام، واثنان للخاص، تؤمن حاجة السوق المحلية، دعا بعض العاملين بصناعة الدرفلة إلى السماح باستيراد هذه المادة نظراً لارتفاع القدرة التشغيلية لمعاملهم، ولم يخفِ البعض الآخر تحفظهم على ما طرحه كل من وزيري الاقتصاد الدكتور محمد سامر الخليل، والمالية الدكتور مأمون حمدان من فرض ضميمة على استيراد البيليت رغم وجود من رحب بهذا الطرح.

أخذ ورد
واستمر النقاش بين أخذ ورد، وطرح لوجهات نظر مختلفة مع ملاحظة أن بعض الطروحات كانت تصب في بوتقة المصلحة الخاصة لهذا المعمل أو ذاك، لتأتي مداخلة الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء الدكتور قيس خضر ليذكر بمن سيتحمل عبء التكلفة النهائية للمنتج في حال تم تلبية جميع المطالب دون دراسة دقيقة ومنطقية لما سيتخذ من قرارات كفيلة بالنهوض بهذا القطاع إلى مستوى الطموح، ولاسيما أن صناعة الحديد تعتبر من صلب الارتقاء بالاقتصاد الوطني، مقدراً القدرات الوطنية لقطاع الأعمال لجهة تأسيس هكذا صناعة.

خلل
ومع اختلاف الطروحات ومضامينها عموماً، إلا أن ثمة طرحاً توحد المجتمعون عليه يتعلق بمادة الخردة، سواء لجهة عدم عدالة التوزيع وانعكاسه على سير العمل والإنتاج، أم لجهة ارتفاع سعرها إلى 115 ليرة للكغ بعد أن كانت بـ30 ليرة قبل أشهر عدة، ليتفق أغلب الصناعيين على أن الخلل يكمن بلجنة الخردة التي تشتري هذه المادة بسعر لا يتجاوز الـ15 ليرة وأحياناً 12.5 ليرة، ليبيعوها بأرباح تفوق ما يحققه الصناعي، في مفارقة حاول الصناعيون إظهارها تتمثل بتدني أرباح مصانعهم ذات التكلفة العالية والمقدرة بمئات الملايين، مقابل ارتفاع أرباح اللجنة بلا أي بنية صناعية تذكر..!

لا ترخيص
أمام هذه الطروحات وغيرها وبعد أن استفاض النقاش كثيراً حول بعض التفاصيل خاصة مسألة تأمين الخردة، ما كان من رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس إلا أن وعد باتخاذ قرارات لم يفصح عن ماهيتها، واصفاً بأنها ستكون مفاجأة من النوع المرضي للجميع، محدداً الأول من الشهر القادم موعداً أقصى لصدور هذه القرارات، وبدت جدية المهندس خميس واضحة بطلب من رئيس غرفة صناعة دمشق بترشيح ممثلين عن صناعة الصهر والدرفلة ليكونوا أعضاء باللجنة المزمع تشكيلها خلال أيام قليلة، بالإضافة إلى أعضاء من الجهات الحكومية المعنية، لحصر عدد المنشآت الصناعية العاملة بهذا القطاع ومعرفة تفاصيل عملها الحالي، لاسيما أن ثمة تفاوتاً بالمعلومات حول ما يخص قطاع صناعة الحديد، مؤكداً أنه لن يتم الترخيص لأي مصنع حديد حالياً بغية النهوض بالمعامل الحالية وتحريرها من المشاكل وإعادة المتوقف منها إلى العمل، نافياً وجود أي نفوذ لأحد في هذا القطاع أو عدم عدالة.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com