صحيفة البعث

الإعلام المحلي وناكرو المعروف

 

 

كثر هم الفنانون الذين يزهدون بالتعاطي مع الإعلام المحلي بشقيه الرسمي والخاص، هؤلاء ممن يعتبرون أنفسهم من النجوم المعروفين خاصة في الخارج (نجوم سنوات الحرب)، لا يتوقف البعض منهم عند الزهد وتجنب وسائل الإعلام المحلية بل يتعدوه إلى العداء المباشر والتصرف الفظ بحق من يحاول التواصل معهم من الصحفيين العاملين في وسائل إعلام محلية بشكل مباشر أو عبر وسائل التواصل المتنوعة، وأحيانا يظهرون أخلاقهم الحقيقية (السيئة) اتجاه الصحفيين الساعين للحصول على خبر جديد منهم أو الفوز بلقاء حصري، فلا يكتفون بالاعتذار عن إجراء اللقاء أو إعطاء تصريح، إنما يتعاملون بفظاظة وقلة احترام وبعدائية واضحة، معبرين عن عقد نقص اتجاه الصحفي السوري ويبدون كماً كبيرا من الغل الدفين اتجاه كل ما هو محلي في تعبير عن سخطهم على واقع الإعلام لدينا.
ورغم الإمكانات الضعيفة التي يعمل فيها إعلامنا المحلي لا يمكن إنكار انجازاته في شتى المجالات ومنها الثقافية والفنية، وعند الحديث عن من كانوا أكثر الناس استفادة من الإعلام المحلي والذين ما لبثوا أن ناصبوه العداء في مرحلة الرخاء التي وصلوا إليها، لا يمكن عندها وصف هؤلاء إلا بمحدثي النعمة وناكري الجميل والمعروف، فتاريخ كل منهم معروف منذ نشأته وبداية عمله في المجال الفني (على اختلاف التخصصات الفنية والثقافية)، حيث يكاد يتشارك جميع هؤلاء النجوم في نشأة متواضعة واحدة كانوا في حينها يلهثون وراء أي فرصة ظهور إعلامي ولو في خبر بالأبيض والأسود بصفحة داخلية بإحدى دوريات المحافظات ليتعرف عليهم على الأقل سكان حاراتهم أو قراهم ويثبتوا لهم أنهم فنانون يعترف بهم الإعلام كما كانوا يروون لهم في حكاياتهم في سهرات البحث عن النجومية المتوخاة.
كثر من هؤلاء المدعين للنجومية وصلوا لما وصلوا إليه بطرق لا علاقة لها بالموهبة والاجتهاد والعمل الجاد، فأن يكون احدهم مخرجا في الدراما التلفزيونية مثلا لمجرد انه زوج فنانة ذات عينين ملونتين، مع كثرة الأعمال التي يعمل فيها فقط لضمان مشاركة زوجته فيها _ لأسباب تسويقية بحتة_ فهذا لن يمحو فشله في أن يكون ممثلا ناجحا أو في أن يصبح مخرجا مميزا، وفي الحد الأدنى لن يشفع له ليحترمه الوسط الإعلامي والفني خاصة إذا اقترن فشله الفني بأخلاق تعامل سيئة مع الجميع لا تمت بصلة لأخلاق من يجب أن يكونوا فنانين وقادة رأي في المجتمع.
كما أن إشادة مغن صاعد بشهادة إعلامي لبناني به عبر سطر واحد على فيس بوك واعتباره الشهادة الأهم له في حياته الفنية وكيله التهم الواهية للإعلام المحلي بأنه نائم اتجاه انجازاته الفنية الساحقة الماحقة رغم كل التغطيات الإعلامية التي يلقاها من الإعلام المحلي بكل أنواعه مع كل فعالية يحييها أو أغنية يطرحها، فهذا لا يمكن تسميته إلا نكران للجميل والمعروف، وصاحبنا مازال في بداية الطريق ولم يصل بعد لما يسمى النجومية فماذا يمكن أن ننتظر منه إن وصل إليها?!.
ومن النجوم المعادين لإعلامنا من هم فنانو صف أول في الدراما التلفزيونية (نحمد الله انه ليس لدينا نجوم سينمائيون) ويطلقون على أنفسهم ألقابا رنانة تصل حدود العالمية فهؤلاء لهم قصة أخرى، فهم وصلوا لمرحلة النضج وأصبحوا يقدرون الأمور حق تقديرها وبمجرد أن يتواصل معهم احد الصحفيين لإجراء حوار صحفي أو لقاء إذاعي أو تلفزيوني يبادرونه بالسؤال: كم ستدفعون?، فكيف لهم أن يسألوا هذا السؤال وهم يعرفون حق المعرفة أن الإعلام المحلي وخاصة الرسمي لا يدفع مقابل الحوارات أو اللقاءات وإن كان هناك في التلفزيون السوري تعويض ظهور بسيط لا يرضي بالطبع جشع هؤلاء النجوم بعد أن اعتادوا أن يقبضوا بالدولار عن كل إطلالة في القنوات العربية متناسين فضل الإعلام المحلي وخاصة الرسمي في إيصالهم لما هم فيه من نجومية في تعبير صريح عن مدى السوء الأخلاقي الذي وصل إليه هؤلاء الذين لا يمكن وصفهم سوى بمحدثي النعمة وبائعي الوهم والزيف، وبأن الثوب الذي يرتدونه أكبر منهم بكثير، وهنا لا بد من التنويه بالقامات الفنية الكبيرة في سورية والتي نتعلم منها في كل يوم معنى التواضع والقيمة الفنية والفكرية والتعامل الإنساني الراقي والحقيقي في كل لقاء يجمعنا معهم، لعل من يدعون النجومية يتعلمون في يوم من الأيام من تواضع الكبار، ويحترموا مسيرة إعلام بلدهم ويقروا بفضله عليهم بتحقيقهم لنجومية درّت عليهم الملايين من الليرات.
محمد سمير طحان