الصفحة الاولىصحيفة البعث

بوتين وروحاني: منطقة خفض التصعيد في إدلب مؤقتة وعودة جميع الأراضي إلى سلطة الدولة قمة سوتشي الرابعة: الحل وفق القرار 2254 والسوريون وحدهم من يحددون مستقبل بلدهم



اختتمت قمة رؤساء الدول الضامنة لاتفاق أستانا “روسيا.. إيران.. تركيا”، أمس، أعمالها بالتشديد على ضرورة الحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها وعودة الاستقرار إليها، وأكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الايراني حسن روحاني ورئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في ختام قمة سوتشي الرابعة، “أن السوريين هم من يحدّدون مستقبل بلدهم، وأن حل الأزمة في سورية يتمّ وفق القرار الأممي 2254”.

وجدّد رؤساء الدول الضامنة لعملية أستانا التأكيد على التزامهم الثابت بوحدة سورية وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها ومواصلة مكافحة الإرهاب فيها، وشدّد البيان الختامي للقمة على التمسّك بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مؤكداً أن هذه المبادئ تخضع للتقيد الشامل، وأنه لا يجب تقويضها بأي أعمال مهما تكن الجهة التي تنطلق منها. وجدد البيان رفض الدول الثلاث “جميع محاولات إقامة وقائع جديدة على الأرض بذريعة مكافحة الإرهاب”، وتصميمها على التصدي للمخططات الرامية إلى تقويض سيادة سورية وسلامة أراضيها، مشيراً بهذا الصدد إلى أن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سورية سيغدو في حال تنفيذه خطوة تسهم في تعزيز الاستقرار والأمن في البلاد تنفيذاً للمبادئ المشار اليها. وأوضح البيان أن الرؤساء الثلاثة بحثوا بالتفصيل الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب وأدانوا محاولات تنظيم جبهة النصرة الإرهابي توسيع نطاق سيطرته في المنطقة وأعربوا عن قلق جدي حيالها واتفقوا على التصدي بفعالية لهذه المخططات وكذلك اتخاذ خطوات ملموسة لتقليل الانتهاكات في منطقة خفض التصعيد في إدلب عن طريق التنفيذ الكامل للاتفاقات حولها بما في ذلك اتفاق سوتشي في أيلول الماضي. وأكد البيان عزم الدول الضامنة على التعاون من أجل القضاء النهائي على تنظيمي “داعش” وجبهة النصرة وجميع الاشخاص والمجموعات والمؤسسات والتنظيمات المرتبطة بالقاعدة او “داعش” والمجموعات الإرهابية الأخرى المدرجة على قائمة مجلس الأمن الدولي للكيانات الإرهابية.

وأشار البيان إلى أن الرؤساء الثلاثة بحثوا الوضع في شمال شرق سورية واتفقوا على تنسيق الجهود لضمان الأمن والاستقرار في هذه المنطقة بما في ذلك عبر الرجوع إلى الاتفاقات القائمة وفي ظل احترام سيادة البلاد وسلامة أراضيها، مؤكدين أنه لا حل عسكريا للأزمة بل سياسي عبر عملية يقودها ويقوم بها السوريون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

وأكد البيان تصميم الدول الثلاث على تيسير إطلاق عمل لجنة مناقشة الدستور استناداً إلى العمل الذي قامت به الدول الضامنة، وأهمية استمرار التعاون والتنسيق مع “الأطراف السورية” والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، وشدد على ضرورة مواصلة الجهود للمساعدة في عودة الاستقرار إلى جميع الأراضي السورية، داعياً المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية، إلى زيادة المساعدات لسورية والمساهمة في إعادة إعمار البنى التحتية مثل المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات، وأشار البيان إلى أهمية تهيئة الظروف لعودة المهجرين إلى أماكن إقامتهم في سورية.

ورحب الرؤساء الثلاثة بالتفاعل مع جميع الأطراف المعنية بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وأكدوا استعدادهم لمواصلة هذا التنسيق وتوسيعه، واتفقوا على عقد قمتهم المقبلة في تركيا، كما اتفقوا على عقد اجتماع أستانا المقبل حول الأزمة في سورية في نيسان المقبل.

وفي مؤتمر صحفي أشار بوتين إلى أن منطقة خفض التصعيد في إدلب مؤقّتة، ولا تلغي عملية مكافحة الإرهاب، مؤكداً أن انسحاب القوات الأمريكية من سورية سيدفع إلى الاستقرار وعودة الأراضي إلى سلطة الدولة السورية، لافتاً إلى أن الدول الضامنة ترى في هذا الأمر خطوة ايجابية.

بدوره جدد روحاني تأكيد الدول الثلاث على ضرورة مكافحة الإرهاب في مناطق وجود الإرهابيين في سورية، وأضاف: “اتفقنا على تخفيض التصعيد لضمان عودة الاستقرار، كما شددنا على أهمية القضاء على الإرهابيين في إدلب وعودة سلطة الدولة السورية إليها”، وأشار إلى أن الحل السياسي هو الوحيد للأزمة في سورية، وعلى المجتمع الدولي المساعدة في عودة المهجرين السوريين إلى بلدهم، لافتاً إلى أن السوريين هم من يقرّرون مستقبل بلدهم.

وأكد على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأمريكية منها، وأضاف: “إن وجود القوات الأمريكية في سورية أمر مقلق.. ونحن لا نثق بما يقوله الأمريكيون حول الانسحاب من سورية ولكن إذا فعلوا فذلك سيكون أمراً جيداً”، معرباً عن استغراب بلاده من صمت الأمم المتحدة عن الاعتداءات الاسرائيلية المتكرّرة على سورية.

وخلال اجتماع رؤساء الدول الضامنة لمسار أستانا، أكد بوتين أنه لا يمكن السكوت عن وجود الإرهابيين في إدلب ومن الضروري النظر في خطوات عملية للقضاء عليهم بشكل نهائي، وقال: “يتم حالياً في جميع أنحاء سورية الالتزام بنظام وقف الأعمال القتالية وبالتالي ينخفض مستوى التصعيد وهذه نتيجة إيجابية للعمل المشترك للدول الثلاث”، وأضاف: نحتاج إلى ضمان خفض التصعيد في إدلب بصورة نهائية، بعد أن نجحنا في تثبيت نظام وقف الأعمال القتالية في المحافظة، لكن هذا لا يعني السكوت على ما تقوم به التنظيمات الإرهابية، ولهذا أقترح النظر في الخطوات العملية التي قد تتخذها الدول الضامنة بشكل مشترك للقضاء على البؤرة الإرهابية في إدلب بالكامل.

وأشار بوتين إلى ضرورة أن تبدأ لجنة مناقشة الدستور عملها “في القريب العاجل”، لافتاً إلى الجهود الملحوظة التي بذلت في هذا الإطار، ودعا المجتمع الدولي، وبالدرجة الأولى الأمم المتحدة ووكالاتها، إلى القيام بدور أكثر فعالية في دعم جميع السوريين دون تسييس وشروط مسبقة، وتابع: إن روسيا وإيران وتركيا تبذل مساعي منسقة لعودة الاستقرار في سورية ومساعدة السوريين في عملية إعادة الإعمار، وتمّت خلال الأشهر الستة الماضية عودة عشرات آلاف المهجّرين إلى مناطقهم.

من جهته شدد الرئيس روحاني على أن الهدف المشترك للدول الضامنة لمسار استانا هو الحفاظ على وحدة وسيادة واستقلال سورية ومحاربة الإرهاب وخفض التصعيد فيها، مشيراً إلى أن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي يسيطر على 90 بالمئة من محافظة إدلب ما يؤكّد وجود تأخير في تنفيذ اتفاق خفض التصعيد فيها وهذا يحتاج  إلى جهود أكبر لتنفيذ الاتفاق، وأكد أن الولايات المتحدة تواصل دعم الارهابيين في سورية والعراق خدمة لأجنداتها، لافتاً إلى وجوب انسحاب جميع القوات الامريكية الموجودة في سورية بشكل غير شرعي وعودة كل المناطق إلى سلطة الدولة السورية.

وجدّد روحاني إدانة بلاده للاعتداءات الإسرائيلية على سورية التي تهدد الأمن والاستقرار فيها، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته وإدانة هذه الاعتداءات والعمل على وقفها، كما دعا المجتمع الدولي إلى مساعدة المهجرين السوريين بالعودة الى بلدهم، وأضاف: إن سورية بحاجة اليوم إلى جهود الجميع في عملية إعادة الإعمار، لافتاً إلى أن استمرار التدخلات غير المبررة في سورية يتسبب بإطالة أمد الأزمة فيها، وأن الحوار السوري السوري يجب أن يتمّ من دون أي تدخّل خارجي.

وفي وقت سابق، أكد الرئيس الروسي استمرار التعاون بين بلاده وإيران حول تسوية الأزمة في سورية، وقال، خلال مباحثاته مع الرئيس الإيراني على هامش قمة سوتش، “نعمل بصورة فعالة ومنسقة فيما يتعلق بالأزمة في سورية”، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب وحده هو الذي يعود بالنتائج المرجوة، فيما أكد روحاني أن التعاون بين البلدين يشمل مختلف القضايا الدولية والاقليمية، وبينها تسوية الأزمة في سورية، وأوضح أن إيران وروسيا ستواصلان التعاون في الحرب ضد الإرهاب الدولي، مشدّداً على ضرورة القيام بكل ما من شأنه ضمان وحدة وسلامة الأراضي السورية.

وخلال لقائه رئيس النظام التركي، أكد بوتين أن اجتماع سوتشي الثلاثي سيعطي دفعاً جديداً للحل السياسي للأزمة في سورية، سواء على الأرض أو في إطار الجهود السياسية والدبلوماسية لإقامة حوار بين السوريين، وأضاف: “قطعنا شوطاً طويلاً.. أعلم أننا جميعا نعرف أن العمل لم يكن سهلاً ولا يزال مستمراً.. ولكن إذا عملنا بفعالية وسلاسة وبحثنا عن حلول وسط فمن المؤكد أننا سنحقق الهدف المرجو”.

ويعقد رؤساء الدول الضامنة قمة في سوتشي تصدّر جدول أعمالها الوضع في إدلب، وتداعيات قرار الانسحاب الأمريكي من سورية.

وقبيل مغادرته طهران، قال الرئيس الإيراني: “إن التنظيمات الإرهابية في سورية تلقت ضربات قاسية جداً، وتمّ تطهير العديد من المناطق السورية من الإرهاب”، مبيناً أنه لا يزال هناك عدد من الإرهابيين في بعض المناطق في سورية، وإن عملية مكافحة الإرهاب ستستمر حتى القضاء عليهم، وشدّد على ضرورة مغادرة جميع القوات الأجنبية التي تتواجد في سورية بدون دعوة من الحكومة الشرعية.