صحيفة البعثمحليات

سلبيات الواقع ؟!

يرسم قرار التوسع في إقامة مراكز خدمة المواطن وتحديداً في هذه الفترة المزدحمة بالأزمات المختلفة والتي تشهد تراجعاً كبيراً في الأداء الخدمي  معالم مرحلة جديدة أكثر مصداقية وقرباً من معاناة الناس وخاصة لجهة العلاقة مابين المواطن والمؤسسات الخدمية بكافة مجالاتها، ولاشك أن هذا المشروع الوطني بامتياز يشكل خطوة متقدمة في عملية إصلاح العمل الوظيفي وإعادته إلى مهامه وواجباته والارتقاء بأدائه على أكمل وجه، وإسقاط تلك المفاهيم الخاطئة التي تكرست نتيجة تجاوزات بعض الكوادر النفعية المتسللة إلى مفاصل العمل، وبصراحة باتت من المسلمات التي زادت الأعباء وأدت إلى احتقان الشارع من تجاوزات كل المهام المدرجة تحت مصطلح الوظيفة العامة.   

ومن المأمول في حال تم تطبيق الأفكار وتنفيذ برامج عمل هذه المراكز بحذافيرها ودون أخطاء، أن تزيح مراكز خدمة المواطن الستارة أو الغطاء عن مخالفات الموظف الحكومي، وأن تكشف سلبيات الواقع الوظيفي من الفوضى والعشوائية في تطبيق القوانين والأنظمة التي حرفتها الأجهزة الوظيفية التنفيذية عن مسارها دون وجه حق وبشكل بعيد عن الرؤية القانونية للمشرع الذي يعمل ويسعى من خلال قانونه على ردم الفجوات وتجاوز الأخطاء المتراكمة، وحلحلة العقد وإنصاف الناس الذين يطرقون الأبواب بحثاً عن حقوقهم المطمورة بين مئات القوانين والتعاميم والبلاغات المنزلقة في نفق عدم التطبيق.

وطبعاً من أولى المهام التي ستتولاها مراكز خدمة المواطن إسقاط مقولة (أيدك بجيبتك) التي يتم تداولها شعبياً عند مراجعة الدوائر الرسمية وتحقيق رضا الناس؛ ولذلك الآمال تعقد اليوم على أداء هذه المراكز ودورها في مكافحة الفساد وتبسيط الإجراءات خاصة أن تفهم الناس للواقع المعيشي بتحدياته وأزماته المدرجة في خانة الحصار الاقتصادي وإصرارهم على الصمود.. لم يقابله أو يوازيه أداء مؤسساتي متوازن وفعال على صعيد المهام والواجبات، حيث باتت غالبية الخدمات مأجورة بطريقة تعمم ثقافة الفساد والفوضى والتجاوزات التي تدير ظهرها للقوانين تحت تسميات مختلفة، وهنا نسأل هل عملت الجهات المعنية على توفير كافة مقومات النجاح ومستلزمات العمل لهذه المراكز وخاصة وزارة الإدارة المحلية، أو أنها ستترك المجال مفتوحاً أمام احتمالات الاصطدام بالعقبات المادية والبشرية وتوفرالأماكن ومواقع العمل وبشكل يعوق خطوات التنفيذ.؟! وهل خطة توسيع الخدمات المقدمة في مراكز خدمة المواطن ستطال القضايا الخدمية الأخرى التي لها خصوصيتها، مثل الإجراءات المتعلقة بشعب التجنيد التي يتطلب واقعها تشديد الرقابة وتفعيل المحاسبة على أدائها المتهم على مدار الساعة؟

بشير فرزان