تحقيقاتصحيفة البعث

أين القرار؟!

رغم إدراكنا التام للتحديات التي تواجه الشباب، ومطالبهم الباحثة عن مشروع يتبناها ضمن استراتيجية وطنية شاملة، إلا أن ذلك لم يسهم حتى هذه اللحظة بتحريك عجلة القرار بدفع الأفكار إلى ساحة التنفيذ، واستثمار طاقاتهم بالشكل الأمثل، وطبعاً هذا الكلام ليس فيه إساءة لأية جهة كانت، بل هو محاكاة لواقع شبابي نراه اليوم في أدق مراحله المكتنزة بالمخاطر والتغييرات التي تنبىء بخسائر كبيرة في حال استمرار حالة اللامبالاة، واعتماد نهج الفرص المحدودة أمام القلة من الشباب ليكونوا ضمن الصفوف الأولى على حساب الكفاءة، ولصالح الامتيازات والاستثناءات التي تشكّل اليوم أحد أوجه الفساد وأخطرها نظراً لتداعياتها المتشعبة على العمل المؤسساتي، وعلى الحياة العامة والمستقبل الذي بات في حكم الضبابي إن صح التعبير، فالكثير من الجهات التي تعنى بقضايا الشباب معطلة، وحضورها صوري وغير فاعل في الحياة الشبابية التي تعالج مشكلاتها بالمؤتمرات والخطابات!.

ولو أردنا الحديث بشفافية ووضوح لقلنا إن مخاوفنا تزداد يوماً بعد يوم على شبابنا، وخاصة في هذا الوقت العصيب بكل ما فيه من تغييرات في السلوكيات، إلى جانب تلك المنزلقات الفكرية العاصفة بمستقبله وحياته، وفي ظل هذا الواقع المأزوم بكل جوانبه ومجالاته الإنسانية، والفكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، تتعدد طرق وأساليب التأثير على  الحياة الشبابية في ظل مجتمع تتقاذفه اليوم أمواج المتغيرات والتطورات المختلفة، وهنا لابد من التركيز على ضياع الهوية الفكرية في زحمة ما هو قادم وآت عبر وسائل الإعلام والفضائيات التي اقتحمت ودخلت البيوت لتسلب العقول ببرامجها المسيسة وفق سيناريو غربي غريب عن واقعنا، حيث يتم إدخال الكثير من اللمسات السامة المكتنزة بالأمراض والأكاذيب لتضليل الشباب، وخلق شرخ وصدع كبير في الأوساط الشبابية من نواح مختلفة، حيث تختلط الأوراق الفنية، والاقتصادية، والاجتماعية في لعبة السياسة، ليحصد الجميع في النهاية خيبات الأمل!.

ولا شك أن استمرارلعبة المراهنة على الشباب دون أي مشروع واضح المعالم والخطوات يمثّل التفافاً على المستقبل، وانهزاماً شنيعاً أمام الفكر القادم من خلف البحار بكل ما فيه من محاولات لتطويع طموحاتهم، والسيطرة على أحلامهم في بلدهم، فهل تخرج الأفكار من شرانق التقليد السلبي، أم يتخذ القرار الفاعل والمفعل للشباب، ودورهم في البناء والإعمار من النواحي كافة، وذلك لصناعة المستقبل؟!.

بشير فرزان