اقتصادزواياصحيفة البعث

الدفاع عن الفاسدين..!

نعم… هناك من يدافع عن الفاسدين بأشكال مختلفة، وأحياناً باسم (المصلحة العامة)..!

ويجرؤ البعض على الدفاع عنهم في اجتماعات عامة وعلناً..!

وبما أن الكثير من الفاسدين ينتحل صفة “تاجر” فإنه غالباً ما يدافع عنهم تجار؛ أي زملاء الكار..!

ويختلط الأمر علينا في أغلب الأحيان فلا نعرف الفاسد من التاجر أو حتى الصناعي..!

وقد نرى من يصف الفاسدين الجدد بتجار الأزمات أو أية تسميات أخرى للتخفيف من وقع التسمية الفعلية أي “الفاسد”..!

ولا نزال نتذكر أن أحد أعضاء غرفة تجارة دمشق أطلق على من شفط مئات الملايين من المواطنين ببيعهم مواد بأسعار فاحشة بـ”الجيش الاقتصادي”..!

ولا بأس في هذه الحالة أن يشفط مستوردون آخرون المليارات من توريد مادة المازوت عن طريق لبنان بأنه “وطني” ساهم بتوفير المحروقات للصناعيين، ولو باعها لهم بزيادة تتجاوز الـ100 ليرة لليتر الواحد..!

ولأنه عنصر في “الجيش الاقتصادي” أو “وطني” فهو معذور إن تهرّب من دفع الضريبة، بل لماذا يدفعها وهو الذي ساهم باستمرار عجلة الإنتاج..؟!

أما بالنسبة للشريحة التي تسببت ولا تزال بانخفاض سعر صرف الليرة فهي ليست فاسدة، بل “مضاربة”، وذريعة من يدافع عنها أن أصحابها ينتحلون اسم “تاجر”..!

المئات من هؤلاء اشتروا القطع الأجنبي من المصرف المركزي عام 2012 وبينهم أسماء تجارية معروفة دون تقديم وثائق تثبت كيفية تصرفهم بالقطع، وقد تبين فيما بعد أن غالبية الأسماء الأخرى اشترت لصالح تجار معروفين جداً تفضل أن تبقى في الكواليس خوفاً على سمعتها، وتهرباً من نشاطها السري في “المضاربة” بالعملة..!

لم تتردد غرف التجارة بالدفاع عن المضاربين بالقطع بذريعة أن لا مصلحة لأحد بفتح دفاتر قديمة..!

أما بالنسبة للتهريب، فإن الدفاع عن المهربين أي الفاسدين  يأخذ أشكالاً مختلفة، أبرزها المطالبة بعدم قيام الضابطة الجمركية بمداهمة الفعاليات التجارية ومستودعاتها داخل الأسواق أو محيطها..!

الذريعة هنا تبدو منطقية للوهلة الأولى، وهي أن عمل الضابطة يجب أن يتركز في المنافذ والمعابر الحدودية لا داخل المدن والأسواق..!

ولكن المشكلة أن المهربين بما يملكونه من شبكة علاقات أصبحوا قادرين على تمرير المهربات وإغراق الأسواق بها، وإلا كيف نفسر وجود سلع مهربة فاخرة وباذخة تباع علناً في المولات..؟

أكثر من ذلك أصبح لدى التجار خبرة لا تضاهي بالتلاعب بوثائق المستوردات للتهرب من دفع رسومها من جهة، والتهرب من قيمة بياناتها الفعلية بالقطع الأجنبي من جهة أخرى، وبالتالي فإن طرحها في الأسواق سيكون حتماً بلا فواتير نظامية، وهذا يعني أن الضابطة الجمركية عند ضبطها في المحلات أو المولات ستتعامل معها إما كمهربات أو سلع مجهولة المصدر..!

وهذا يعني أننا أمام حالات فساد لا تنكرها غرف التجارة فقط، إنما تدافع عنها أيضاً من خلال المطالبة بعدم مداهمة الفعاليات التجارية داخل المدن أو الأسواق..!

علي عبود