تحقيقاتصحيفة البعث

المطلوب استهدافها بمشاريع تنمويةبلدة ملح.. مطالبها دقت أبواب الجهات المعنية.. والإجابات مازالت في الأدراج؟!

نحو الحدود الأردنية لجهة الجنوب الشرقي كانت وجهتنا هذه المرة، إلى ناحية ملح أو “ملح الصرار” كما اعتاد أبناء المنطقة على تسميتها، أو “الاموسا” كما تسمى تاريخياً، تبعد البلدة أكثر من 65 كم عن مدينة السويداء، طريق طويلة، وتضاريس، ومناظر متعددة ومتنوعة تجعل الزائر لا يشعر بطول المسافة.
ملح الصرار
حمود بلان، رئيس البلدية، تحدث حول خصوصية البلدة من حيث السكان، والسمات التي يحملونها، قال: يزيد عدد سكان “ملح” عن 11 ألف نسمة، وقد هاجر الكثير من أبنائها إلى مدينتي دمشق والسويداء، ومنهم إلى دول عربية وأجنبية بسبب ضيق العيش الحاصل من توالي سنوات المحل التي ألحقت بالبلدة الجفاف والفقر، علماً أن الزراعة تعتبر المصدر الرئيسي للعيش، فهي تشتهر بزراعة الحبوب مثل: القمح، والشعير، والحمص، وبعض الأشجار المثمرة مثل: التين، والزيتون، واللوزيات، كما أن مساحة أرضها الزراعية والتنظيمية تبلغ /150/ ألف دونم.
لجان أزمة
لعبت الحرب دوراً واضحاً في الكشف عن هوية مجتمع البلدة، ومدى قدرته على إدارة الأزمات التي مر بها، خاصة نقص المحروقات، وكان متفهماً للواقع الاقتصادي، والعقوبات الجائرة ضد القطر، فكان السعي الدائم نحو تحقيق العدالة الاجتماعية من مبدأ “ظلم بالرعية عدل بالسوية”، كما قال أمين الفرقة الحزبية غسان الطير الذي تحدث عن اللجان التي تم تشكيلها، والتي ساهمت بإدارة الأزمة بشكل فاعل وإيجابي تحت عنوان العدالة، لدرجة وصلت إلى تقاسم رغيف الخبز، وقد يكون تقاسم جرة الغاز بين المواطنين سابقة من نوعها طبقتها اللجان بين المواطنين، ورغم نقص الكميات الواردة فإن حسن تدبير اللجان ساهم بتجاوز تلك الأزمات، ونقلها من أزمة حاجة إلى أزمة كمية، كما قال الطير، ويعتبر التكافل الاجتماعي سمة أخرى من السمات البارزة في هذا المجتمع، حيث يتم تخصيص كميات من الخبز والغاز وغيرها لتوزع مجاناً على بعض الأسر المحتاجة، إضافة إلى استهداف الحالات الطارئة التي بيّنها منيب الباسط رئيس الجمعية الخيرة بأنها حالات الولادة والوفاة وغيرها.
وقد يكون تفاعل المجتمع وتعاونه شجع الجمعية الخيرية على طرح مشاريع حيوية انطلقت ببناء مسكن لإحدى أسر الشهداء، والتفكير يتجه اليوم لبناء سكن للأسر الفقيرة، وما المبالغ التي يتم توزيعها سنوياً، والتي تصل إلى نحو 3 ملايين ليرة، إلا خير شاهد على حيوية هذا المجتمع وأصالته، ولم يؤثر الواقع الديمغرافي المتبدل جراء الهجرة الداخلية على تماسك هذا المجتمع وتلاحمه.
سنبلة القمح
سنبلة القمح التي يتوسط مجسم لها الساحة الرئيسية للبلدة خير شاهد على مدى اهتمام السكان هناك بالزراعة، سنبلة القمح تلك يبدو أنها الوحيدة التي بقيت من خيرات تلك المواسم بعد أن حل الجفاف على المنطقة، وتراجع الإنتاج الزراعي فيها، واقتصر على زراعة الحمص.
البلدة التي تملك أكبر مساحة أراض زراعية على ساحة المحافظة، حيث تزيد مساحة تلك الأراضي عن 100 ألف دونم، تعاني من زحف الصحراء بسبب الجفاف، حيث لا تزيد كمية الهطولات المطرية عن 150 ملم في السنوات العشر الأخيرة، ومع ذلك لم تستهدف بمشاريع مائية تساهم بتعويض النقص.
حديث رئيس الجمعية الفلاحية مشعل الباسط كان خليطاً من الهواجس والهموم والآمال، والورقة التي دوّن عليها ملاحظاته، عوامل الزمن بدت واضحة عليها، لتدل على أنها مطالب متكررة منذ سنوات عدة، لكنه مازال متمسكاً بها علّ بارقة أمل تلوح في الأفق قريباً، وأهم تلك المطالب اعتبار الحمص محصولاً استراتيجياً باعتباره المنتج الزراعي الوحيد الذي مازال يشكّل مورداً وإن كان بسيطاً لمزارعي المنطقة، وكذلك تأمين الجرارات الزراعية عن طريق المصرف الزراعي، وتقسيطه للمزارعين بفوائد مقبولة بعيداً عن احتكار وسمسرة التجار والسماسرة، والأهم هو الاهتمام بشبكة الطرق الزراعية، والتوسع، وكذلك بحفر الآبار الزراعية لمواجهة زحف الصحراء الذي يبدو واضحاً في تلك المنطقة.
أعطني شجرة
“حراس الحدود مجاناً”، هكذا وصف عضو مجلس البلدة نشأت الحلبي سكان المنطقة، فهم ضمن منطقة حدودية لم يستفد أبناؤها من ميزات تلك المنطقة، في إشارة منه إلى ظاهرة التهريب التي تنتعش غالباً في مثل هذا النوع من المناطق، وفي الوقت نفسه لم تستهدفها خطط العمل.
الحلبي طالب بتقديم المساعدات لسكان المنطقة، خاصة المساعدات الزراعية، والمعونات الاجتماعية، وتقديم الأشجار الحراجية، أو استهداف تلال البلدة بخطط التشجير لمواجهة زحف الصحراء، مطالباً بالمقايضة فقال: “أعطونا شجرة نعطكم يداً عاملة برعاية واهتمام”.
الحديث عن مجلس البلدة وهمومه كان جزءاً من الحوار الذي أجريناه في مبنى المجلس بحضور أعضائه، والذي يمكن اختصاره بالوضع المالي المتردي، حيث طالب المجلس بمد يد العون له ليستطيع متابعة المسير في طريق التنمية، فموازنة المجلس لهذا العام وصلت إلى 12 مليون ليرة، بقي منها 450 ألفاً لباب العمل، ويقصد به صيانة الطرق، واستكمال الصرف الصحي الذي بات يشكّل تهديداً حقيقياً على الأراضي الزراعية، علماً أن المنفذ منه يتجاوز 50%، يضاف إلى ذلك حل مشكلة عمال النظافة، وزيادة حوافزهم، والاهتمام بالمراقبين الفنيين عبر تزويدهم بالأدوات التي تساعدهم على إنجاز مهامهم، فهم مرآة المجلس كما وصفهم المهندس حسام السعدي، وطالب المجلس بتزويده بسيارة نظافة ضاغطة، وتركس، وتبديل سيارة الخدمة التي يعود عمرها لعام 1976.
ومن المشاكل التي يجب الإسراع بحلها زيادة عدد الموظفين في الدوائر الخدمية الموجودة في مركز الناحية بما يتناسب مع طبيعة العمل، وحجمه، وكثافته، وفتح كوة للمالية، واستبدال الوصف الإداري لملح بمنطقة بدلاً من ناحية لتوافر معظم الشروط لذلك.

رفعت الديك