اقتصادزواياصحيفة البعث

النقل الداخلي للمرة الألف..!

مرة أخرى نتناول مشكلة النقل الداخلي التي تتفاقم يوماً بعد يوم، دون أن نلمس أي جهد حكومي تجاه تحسين واقعه ولو قيد أنملة..!

لن نخوض بحيثيات ما يعتري المواطن من مضايقات ترديه إلى الدرك الأسفل نتيجة استخدامه وسائط النقل الداخلي سواء العامة أم الخاصة، لأننا سبق وتحدثنا مراراً وتفصيلاً في هذا الملف الذي ينم عن عجز حكومي واضح تجاه معالجته..!

ورغم أن الحديث حول استباحة النقل الداخلي للمواطن يفترض أن يشكل دافعاً قوياً للمعالجة، إلا أنه لم يجدِ نفعاً حتى الآن، وكأن المواطن لا يزال خارج الحسابات..!

فلا وزارة الإدارة المحلية استطاعت –أو ربما تجاهلت- تجاوزات شركات النقل الخاصة وما أكثرها، إلى جانب عدم التزامها بزج المزيد من الباصات على الخطوط، ولا الإدارة العامة للمرور استطاعت ضبط ما يرتكبه السائقون من مخالفات على مرأى القاصي والداني..!

وعلى اعتبار أن الحكومة جادة بتفعيل العملية الاستثمارية وتعزيز بنيانها، فيجب ألا يغيب عنها أن النقل الداخلي أبرز العناوين الواجب العمل عليها، فهو أحد الأركان الأساسية للبنية التحتية، ومؤشر هام على مدى نشاط الحركة الاقتصادية برمتها..!

أما إذا كان ينظر إلى النقل الداخلي على أنه مخصص لعامة الشعب، وأن تطويره وعدمه سيان لجهة الأهمية ودوره في تفعيل التنمية المستدامة، مقابل الرهان على أصحاب رؤوس الأموال في هذا الخصوص فتلك الطامة الكبرى؛ لأن التنمية لن تتحقق بمنأى عن كوادر هذا الشعب وعماله..!

لا شك أن معالجة هذا الملف ليست معقدة، لا بل نعتقد أنها من السهل الممتنع، وربما يثير الإحجام عنها بعض الشبهات التي تصب في مصلحة بعض الشركات الخاصة المحتكرة للخطوط الرئيسية الدسمة، وما تدره من أرباح هائلة على حساب راحة ووقت المواطن، ونأمل من مسؤولينا التخلي عن سياراتهم الفارهة ولو لمدة ساعة واحدة فقط ليعاينوا بأنفسهم الحال المزري الذي وصلنا إليه من هذا النقل المتخلف أخلاقياً ومادياً..!

إن كرامة المواطن فوق كل اعتبار، ولا يجوز استباحتها كما هو حاصل في شوارع دمشق وربما أغلب المحافظات السورية، من قبل اللاهثين وراء تضخيم ثرواتهم بأية وسيلة كانت وبالتواطؤ مع بعض المفاصل الحكومية المعنية..!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com