اقتصادزواياصحيفة البعث

مراهنة على “الذاتي”..!

إذا ما سلمنا بالعلاقة الوثيقة والمتبادلة بين النشاط الملحوظ للمعارض الداخلية والمسألة التنموية، نجد أنه لا يزال هناك شوط كبير لنلمس انعكاس الأول على الثاني وتحديداً لجهة تحسين سعر صرف الليرة مقابل الدولار..!

فمخرجات هذه المعارض لا تزال بحاجة إلى مزيد من العمل باتجاه زيادة الإنتاج كماً ونوعاً، وتوسيع دائرة المشاركين فيها محلياً، وزائريها من الخارج على مستوى رجال الأعمال، مع عدم إنكارنا بالطبع لما تحقق بهذا الاتجاه ولا يزال..!

وفي الوقت الذي قد يعتبر فيه البعض أن هذا التطور يرتبط بالظرف الموضوعي العام للاقتصاد الوطني وما خلفته الأزمة من تداعيات لا تزال قائمة، نعتقد أن ثمة عاملاً ذاتياً يحول دون وصول منتجاتنا إلى المستوى المطلوب من الجودة والتنافسية مع نظيراتها في عدد من دول العالم، وتجاوزه كفيل بتحقيق نتائج لافتة على مستوى الإنتاج وجودته، ويتمثل هذا العامل بشكل أساسي بعدم وجود رؤية تطويرية لدى بعض فعاليات القطاع الخاص نتيجة عدم الاستفادة من الخبرات الأجنبية عبر مجالس الأعمال المشتركة..!

فإذا ما افترضنا أن ثمة صعوبات وتحديات تواجه قطاع أعمالنا للتواصل مع الآخر، فنعتقد الوسيلة المثلى حالياً لتطوير مستوى الإنتاج تتمثل بفتح خط بين رجال الأعمال والجامعات ومراكز وهيئات البحث العلمي من جهة، والجهات العامة والخاصة المعنية بالقطاع الصناعي من جهة ثانية، والعمل على خرق حالة الطلاق الحاصلة بين البحث العلمي والفعاليات الاقتصادية، وتعزيز الثقة بين الطرفين، وقلب هذه الصورة بحيث يقتنع كل طرف بمخرجات الآخر، من أجل ربط البحوث والدراسات والأطروحات التي يتم إعدادها من قبل الدارسين والباحثين في هذه المراكز والجامعات باحتياجات القطاع الصناعي، ووفق أولويات محددة يتم اعتمادها بين هذه الأطراف تساهم بعملية إعادة تأهيل الصناعة والاقتصاد الوطني بشكل عام.

ولعل ما يعطي قيمة مضافة لهذا التواصل هو ما تتمتع به بلادنا من نقاط قوة يفترض أن تشكل حافزاً لانطلاقة صناعية ضمن مستوى الطموح، حيث لا يخفى على أحد ميزات الموقع الجغرافي والعراقة الصناعية، وتوفر حلقات الإنتاج كافة في العديد من الصناعات، كالصناعات النسيجية والغذائية، إضافة إلى وفرة ورخص اليد العاملة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ميزتي الموقع والعراقة لن يثمرا دونما العمل على استثمار نظيراتهما الأخرى، أي لابد من دراسة سلسلة هذه المقومات بشكل متكامل ومتوازٍ معاً، ضماناً للوصول إلى صيغة توافقية تشكل بداية لانطلاقة جديدة.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com