أخبارصحيفة البعث

“عقيدة مونرو” ذريعة أمريكا ضد فنزويلا

 

عندما سئل جون بولتون عن سبب هيجان الإدارة الغريب والمفاجئ تجاه فنزويلا، لم يتوان عن الإجابة بـ “أننا في هذه الإدارة، لا نخشى استخدام مبدأ مونرو، فهذه دولة تقع في نصف الكرة الغربي”.
لعل استحضار “عقيدة مونرو” يحتوي بين ثناياه دلالات شنيعة على التدخل الأمريكي في شؤون الدول الأخرى، ومع ذلك، ما ذكره بولتون يشير إلى أن هذه العقيدة قد تغيّرت تغيّراً كبيراً عما كانت عليه أول ما اصطلحها الرئيس الخامس للولايات المتحدة، جيمس مونرو، في كانون الأول 1823. واستخدام المسؤولين الأمريكيين لعبارات كـ “عقيدة مونرو” و”نصف الكرة الغربي” لا يستثني بالضرورة حلفاءهم في أمريكا اللاتينية، وما هو إلا شوفينية قومية زائفة، كما أشار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يوم الاثنين، إلى أن استخدام هذا المصطلح “إهانة” لأمريكا اللاتينية، حيث قال: “أعتقد أن دول أمريكا اللاتينية سترد على تصريح جون بولتون”.
مرّ على تلك العقيدة ما يُقارب 200 سنة، وترتكز على رسالة أرسلها الرئيس مونرو إلى الكونغرس، وأوضح فحواها معارضة الولايات المتحدة للاستعمار الأوروبي في الأمريكيتين في مقابل عدم تدخل واشنطن في أي صراعات بين القوى الأوروبية.
بدايةً، استخدم هذا المفهوم في الخطابات ونادراً ما تمّ تطبيقه، إلا أن الإدارات المتعاقبة أعادت صياغته عدة مرات على مدى السنين، وربما كان بولتون يقصد في تصريحه تفسير ثيودور روزفلت لهذا المفهوم، وهو الذي قال: إن الولايات المتحدة لديها المبرر والحق في أن تمارس دور “الشرطي الدولي” عندما حدث اضطراب في أمريكا اللاتينية، وقالت الكاتبة جريس ليفينغستون، وهي خبيرة في شؤون أمريكا اللاتينية: إن جوهر المذهب “كان بياناً دفاعياً انعزالياً” وقت ألقى مونرو خطابه، لكنه تغيّر بحلول القرن العشرين، و”من المؤكد أن حكومات وشعوب أمريكا اللاتينية أدركوا أن عقيدة مونرو ما هي إلا ذريعة تستخدمها الولايات المتحدة للتدخل في بلدانهم”.
وحصل هذا خلال الحرب الباردة، فكان مبدأ مونرو مبرراً للتدخل في أمريكا اللاتينية، واستخدمت الولايات المتحدة القوة في أحيان كثيرة لفرض وجهة نظرها على العالم، وعمل ثيودور روزفلت على إثراء هذا المفهوم واضعاً “الأساس المنطقي” لدعم التدخل في مستعمرة كوبا الإسبانية عام 1898 وفي أزمة فنزويلا من 1902 إلى 1903، وفرضت هذه العقيدة نفسها في عهد ترامب، حيث أشار وزير الخارجية مايك بومبيو وسلفه ريكس تيلرسون إلى مبدأ مونرو عندما تحدّثا عن سياسة إدارة ترامب في أمريكا اللاتينية، مثلما فعل قبلهما وزير الدفاع جيم ماتيس في رحلته إلى البرازيل عام 2018.
وعليه فإن تدخل إدارة ترامب الأخرق في فنزويلا سيعود بنتائج عكسية على أهداف أمريكا تجاه الدول اللاتينية، لأنها عقيدة عفا عنها الزمان، إلا أن أمريكا لا تزال تحاول إقناع نفسها بأنها ما زالت تتربع على رأس الهرم، وأن تطبيق عقيدة مونرو هو السبيل الأصح لحفاظها على تلك المكانة.
علاء العطار