اقتصادزواياصحيفة البعث

لا تفهمونا غلط…للتذكير فقط..!؟

 

للعلم فقط، والذي لا يخلو من مطلب المراجعة الضرورية لملف “السماح للقطاع الخاص باستيراد مواد الطاقة عامة والمازوت والفيول خاصة”، حيث ترجع بداية فتح هذا الملف إلى 18/12/2012، حين طالبت غرفة تجارة دمشق، الحكومة بالسماح لـ”الخاص” باستيراد “المازوت والفيول”.

بعدها كرت السبحة في هذا الملف بين مدٍّ وجزر، أخذ وشدٍّ، ما بين الحكومة والقطاع الخاص، وتحت عناوين ومبررات موضوعية فرضتها ظروف الأزمة، وكم كانت الأزمة حمَّالة لمثل تلك “الموضوعيات”..!.

لن نسبح في الأمواج المتلاطمة لهذا الملف، وتفاصيل موانئ محطاته الزمنية والاحتياجية الحقيقية وغير الحقيقية، وقرارات السماح، ومن ثم الإيقاف أو المنع للاستيراد، وتوالي هذه القرارات بين هذا حينا وذاك أحيانا، بل سنقود “سفينة” رأينا لشاطئ السلامة، ولكل الأطراف ذات المصلحة في مثل هكذا قرارات…

بداية نقول: إن هكذا قرار، ورغم تأخر صدوره غير المفهوم (حيث كان الأنسب أن يكون بداية الشهر العاشر من العام الماضي 2018)، لا شك أنه سيُحدث نوعا من الانفراج في ملف توفر وتأمين المشتقات النفطية، إثر اشتداد خناق العقوبات والمحاصرة الاقتصادية على الدولة السورية، والذي طال وبموجب قانون “قيصر” الأمريكي اللئيم الجانب الإنساني، وبشكل مقصود ومتعمد، وفقا للعديد من الآراء والتحليلات الاقتصادية حتى الغربية..!.

وكم كنا نتمنى لو كان قبل أشهر عدة، لتفادينا الضيق الشديد في موضوع حوامل الطاقة، والوقوع في شرك آثارها القاسية على كل القطاعات، إضافة لما يمكن تفاديه من خسائر مادية على مستوى الوطن والمواطن؛ وفي هذا السياق يا حبَّذا إجراء دراسة اقتصادية واجتماعية تكون مرجعا وعبرة…

نكتفي بالذي أسلفناه، لنأتي إلى الموضوع المرتبط بتداعيات هذا القرار، لنؤكد على ما كانت الحكومة ووزارتها المعنية أكدته سابقا حين اضطرت بعد منح إجازات الاستيراد إلى الإيقاف أو الإلغاء، أكدت مراعاة الضوابط والتعليمات الوزارية، بحيث تصل المادة إلى مقاصدها وعدم السماح بتهريبها أو استخدامها لغير الغايات المخصصة لها. وهذا ما حصل فعلا لجزء مما تم استيراده وتم ضبطه، هذا من جهة.

أما من جهة ثانية، فقد كان وقف منح إجازات استيراد المشتقات، بتوجيه من رئاسة مجلس الوزراء ولسبب موضوعي، حيث حازت على النسبة الكبرى من عمليات تمويل المستوردات بالقطع الأجنبي، تماشياً مع رؤية الحكومة في هذا الإطار وتوجهها لدعم الصناعيين والصناعة الوطنية، كان هذا في 11/3/2015.

هنا ومن باب التذكير، وبتاريخ 11/8/2015، كان حاكم مصرف سورية المركزي  كشف عن معلومات نقلتها تقارير إعلامية محلية، تفيد بأن حجم إجازات الاستيراد الممنوحة لاستيراد مادة المازوت (خلال شهري كانون الأول من العام الماضي 2014، وكانون الثاني من العام الجاري 2015)، بلغ نحو 20 مليون دولار أمريكي لاستيراد 40 ألف طن من مادة المازوت بسعر تكلفة تقديري يبلغ 110 ليرات لليتر الواحد، وبوسطي سعر صرف يزيد على 215 ليرة للدولار. وكذلك كشف عن أن تكلفة الاستيراد بالليرة بلغت نحو 4.3 مليار ليرة للكمية المذكورة، في حين تم بيعها أي الكمية بما يعادل 10 مليارات ليرة، أي إن البيع تم بضعف القيمة تقريباً، في حين أن السعر المحدد من قبل الحكومة هو 125 ليرة لليتر، وعليه فقد حقق القطاع الخاص أرباحاً صافية من جراء العملية، تزيد على 5 مليارات ليرة، أي بنسبة تفوق 100%.

علَّق عليها “المركزي” حينذاك بالقول: إن من دفعها هم المواطنون، لتتجمع بين أيدي عدد قليل جداً من الأشخاص وهم مستوردو المازوت، ليتم عرضها في السوق وتحويلها إلى قطع أجنبي، الأمر الذي شكل ضغطاً على سعر الصرف بما يزيد على 22 مليون دولار، وأدى إلى رفع سعر الصرف إلى مستويات غير مسبوقة مؤخراً.

ولأننا “أولاد اليوم”، وأن فات ما فات، فأول ما يتبادر لذهننا كمواطنين- بعد أن أعيد السماح لـ”الخاص” باستيراد المازوت والفيول- الأسئلة الآتية: هل سينعكس ذلك إيجابا على الأسعار..؟، إذ لن يكون هناك معنى لدعم الصناعي والصناعة محليا، إن لم يكن الدعم موصول بالمواطن..!.

كذلك نسأل: هل الوفر المتوقع تحقيقه من المازوت وحتى الفيول، سينعكس توفُّرا لمادة المازوت، وتوفُّرا للفيول الذي تحتاجه محطات توليد الطاقة الكهربائية، وما يعني ذلك…؟ ونسأل أيضا: هل هناك “بطاقة ذكية” تضبط  الكميات التي سيتم استيرادها، ووفق بيانات مدروسة للاحتياجات الحقيقية والفعلية لكل صناعي وصناعته، دون إضافات هنا وهناك…؟.

نأمل ألاَّ تفهمونا غلطا، فقصدنا التذكير فقط، قطعا “لعادة حليمة”، ولمصلحة الكل.

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com