أخبارصحيفة البعث

في الذكرى الـ 56 لثورة آذار

رياح الثامن من آذار، وربيعه التي هبت علينا من قلب العروبة النابض سورية عام 1963 غير ربيعهم المشؤوم.. فربيع آذارنا أزهر فيه الياسمين البلدي والورد الدمشقي الأصيل، أما ربيعهم فقد فاحت منه رائحة البارود العفنة والدماء.
ففي الثامن من آذار عام 1963 انبلجت شمس دافئة أتت من الشرق، أعادت إلى سورية وجهها العروبي المشرق. جاءت هذه الثورة رداً على الانفصال الذي أطاح بأول وحدة عربية قامت بين بلدين عربيين: سورية ومصر.
وجلجل صوت الأحرار في كل مكان من أرضنا العربية مؤيداً ثورة الشعب وقواته المسلحة على الطغيان والتبعية الانفصال.
كان صوت العراق آنذاك عالياً في هذا المضمار، فأصدر المجلس الوطني لقيادة الثورة عدة بيانات، أعلن فيها جاهزية القوات المسلحة لنجدة ثورة آذار والدفاع عنها.
كما عبّرت الجمهورية العربية المتحدة على لسان قائدها جمال عبد الناصر بفرحتها الكبرى لهذا الحدث، وقال في برقية بعث بها إلى دمشق: “إن يوم الثامن من آذار هو أغلى أيام التاريخ”.
كما تم وضع القوات المسلحة المصرية في حالة استنفار للدفاع عن ثورة آذار.
وكذلك اليمن والجزائر ولبنان وفلسطين المحتلة فيها عبق الفرح، وقامت المظاهرات المؤيدة للدفاع عن الثورة وحمايتها من الرجعية والخونة والانفصاليين.
أما في دمشق وحلب والمدن الرئيسية، فقد عمت الفرحة وتجمهر الشباب في كل مكان، وهم يهتفون للوحدة العربية، ويغنون بفرح النشيد المعروف: “الله وأكبر فوق كيد المعتدي”، وكانت صبايا سورية يزغردن لإذكاء الحماسة في نفوس شبابها.
لقد عاشت سورية أحلى ساعات النصر العظيم، وأصبحت تنام وتحلم بالمستقبل الجميل والعطاء والاستقرار.
كانت ثورة الثامن من آذار نقطة انعطاف في حياة المجتمع السوري، حيث أسست لمناخ سياسي مستقر، مهّد بدوره لخلق حالة من استقرار اقتصادي شامل، فسورية قبل الثامن من آذار أصبحت غيرها بعد الثورة.
ما حدث في أعقاب الثورة تمثّل بشكل واضح في تحديد الهوية ذات الطابع الوطني والقومي لسورية، وتمنهج في مرجعية عقائدية وسياسية استندت إلى فكرة البعث النضالي والتحرري، سيما في بعده القومي والإنساني الذي جعل من سورية بلداً يجسّد السيادة والقرار المستقل.
هذه الثورة التي صنعتها جماهير الشعب والحزب تعد من أبرز الإنجازات الوطنية والقومية، خاصة في تلك الظروف الصعبة التي عاشتها سورية والبلدان العربية آنذاك جراء التحديات الناجمة عن التخلف والتجزئة والانفصال.
إن إحياء الذكرى السادسة والخمسين لثورة الثامن من آذار مناسبة لتقييم الأداء، ورفع مستويات العمل الوطني الشامل، وتحفيزاً للذاكرة لإبراز مواقف المناضلين، وفي مقدمتهم القائد المؤسس حافظ الأسد، الذي حمل الرسالة من بعده، وصان الأمانة السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، حيث جعل من سورية بلداً حضارياً متطوراً ومنفتحاً على بلدان الجوار والعالم.
المستشار رشيد موعد
قاضي محكمة الجنايات سابقاً