اقتصادزواياصحيفة البعث

قيود تكبّل المصارف

 

إذا كانت المصارف الحكومية لا تملك قرار إصلاح صرافاتها المعطلة أو تركيب أخرى جديدة، فكيف سنصدق أنها تملك قرار إقراض شخص واحد بحدود المليار ليرة..؟

نعم… المصارف أقرضت رجال مال مليارات الليرات رفضوا تسديدها لاحقاً؛ مما خلق أزمة ما يعرف بالقروض المتعثرة، وبالمقابل تحتاج إلى موافقة اللجنة الاقتصادية لإصلاح بعض صرافاتها وليس جميعها، وربما لن تنجح بإقناع اللجنة بتركيب صرافات جديدة..!

أما إقراض التعاونيين المكتتبين على مساكن، فالواحد منهم يحتاج إلى موافقات عدة جهات منها اللجنة الاقتصادية والمصرف المركزي..!

بعد كل ذلك يتحدث بعضهم عن قرارات جريئة “فازت” بها المصارف مؤخراً تتعلق بتسهيلات في الإقراض ومرونة في الإيداع والسحب، واسترداد الديون المتعثرة.. إلخ..!

والترجمة الوحيدة لما يُسمى بالقرارات الجريئة هي القيود..!

نعم.. المصارف الحكومية مكبّلة بالقيود التي تحد من حركتها واستثمار فائض سيولتها، بل هي لا تملك صلاحية إصلاح صرافاتها أو تركيب أخرى جديدة لتأمين راحة زبائنها دون موافقات جهات وصائية مسبقاً..!.

السؤال: إذا كان العمل الرئيسي للمصارف هو جذب الودائع لإعادة ضخها على شكل قروض، فماذا سيحصل عندما تتوقف المصارف عن الإقراض بقرار من الجهات الوصائية..؟

والمشكلة ليست في عدم وجود رؤية واضحة للإقراض وإنما في الجهة التي أمرت المصارف بمنح مليارات لرجال مال وأعمال دون ضمانات كافية، وهذا ما لم ولن تفعله المصارف الخاصة..!

وتوقف عمليات الإقراض في المصرف العقاري تضرر منها بشكل رئيسي القطاع التعاوني السكني، على الرغم من أن ضمانات استردادها مؤمنة 100% على عكس المليارات التي شفطها حيتان مال قبل الأزمة، وفقدت أكثر من عشرة أضعاف قيمتها فيما لو تمكنت المصارف من استردادها الآن..!

والملفت أن المصارف الحكومية لا يمكنها أتمتة أعمالها أو تطوير برامجها المعلوماتية دون موافقات مسبقة مما يجعلنا نتساءل: ما صلاحيات مديري المصارف الحكومية..؟

وبدلا من أن تقوم المصارف الحكومية بإعادة تأهيل الصرافات التي خرجت عن الخدمة مباشرة بعد تعطلها، أو بالأحرى تجري لها الصيانات لمنع خروجها من الخدمة نكتشف أنها بحاجة إلى موافقة مسبقة للقيام بعمل روتيني يومي بديهي..!

وعندما يعلن مدير المصرف التجاري عن وجود 150 صرافاً خارج الخدمة..فهذا يعني أن المصارف مكبّلة بقيود الجهات الوصائية التي تمنعها من إصلاح صرافات وظيفتها الوحيدة خدمة الزبائن وأصحاب الأجر المحدود..!.

وما يسترعي الدهشة أن اللجنة الاقتصادية لم توافق إلا على 50 صرافاً..ترى لماذا..؟

هل الأمر يتعلق بترشيد استخدامات الصرافات ولو أدى ذلك إلى طوابير طويلة أمامها للذين وطّنوا رواتبهم في المصارف الحكومية..؟.

وإذا كان هذا هو حال الصرافات.. فهل نتوقع أن توافق الجهات الوصائية على تجديد التجهيزات الحاسوبية في المصارف الحكومية التي أصبحت قديمة جداً بل مهترئة..؟

تصوروا مصارف تعمل بلا قروض ولا صرافات أو تجهيزات حاسوبية..!.

علي عبود