دراساتصحيفة البعث

الايزيديون.. الدرع الأخير لـ”داعش”

ترجمة: هيفاء علي

عن لو غراند سوار 9/3/2019

ارتكب تنظيم “داعش” الإرهابي مجازر شنيعة بحق الايزيديين في العراق عندما اقتحم مجتمعهم ودمّره وسبى نساءهم وبناتهم وأطفالهم في انتهاك صارخ يندى له جبين البشرية.. وهاهم الناجون من جرائمه يحاولون بصعوبة النهوض وإعادة بناء أنفسهم.

تمكّنت سعاد البالغة من العمر 15 سنة من الهروب  من مخيم الباغوز ، آخر معقل لـ”داعش” في سورية، بعد أن بقيت أسيرة لدى التنظيم الإرهابي أربعة أعوام، وتأمل العودة إلى سنجار، حيث لم يتبقَ لها أحد من أفراد أسرتها سوى أختها بعدما قُتل باقي أفراد عائلتها على يد إرهابيي “داعش” عام 2014.

إلى جانبها تجلس جولي، التي أطلق عليها مختطفوها اسم هند، وتبلغ من العمر 11عاماً وكان عمرها ستة أعوام فقط عندما أسرها “داعش”. بعد تحرّرهم من الأسر، هرب هؤلاء اللاجئون إلى المناطق الآمنة عند الحدود السورية-العراقية، وهم الآن يقيمون عند سكان من الايزيديين السوريين  بالقرب من عامودا في محافظة الحسكة، وينتظرون العودة إلى سنجار العراق بفارغ الصبر.

في إحدى أماسي شهر آب من عام 2014، شنّ إرهابيو “داعش” هجومهم الشرس على سنجار، وأقدموا على قتل أكثر من 3000 شخص بينهم عائلة سعاد، وهناك أكثر من 6000 في عداد المفقودين. تقول سعاد: “كان يتمّ بيعي كل ثلاثة أشهر على مدى الأعوام الأربعة من الاختطاف، تعرضت خلالها للاغتصاب والإهانة حتى إنهم أخذوا مني أطفالي في بادئ الأمر”.

يبدو أن هؤلاء الفتيات تائهات بين عالمين محطمين بعد أن تركن العنف اليومي والقنابل، وجئن إلى بيئة هادئة لأسرٍ غير معروف، في حين أن هؤلاء المضيفين لا يعالجون الجرائم الجنسية والنفسية والفظائع التي ارتُكبت في الماضي.

تقول سعاد: “أنا لا أعرف أسماء جميع المناطق التي تنقّلنا فيها، فقد تمّ اقتيادنا إلى تلعفر، والموصل، والرقة، وحجين، وبغوش”، كل هذه المناطق شهدت انتهاكات وممارسات وحشية على أيدي إرهابيي “داعش”. وسعاد أصغر من أن تفهم الوحشية والبربرية التي كانت ضحيتها هي والمئات من بنات جيلها.

الأمر نفسه ينسحب على جين وطفليها، التي قام إرهابيو “داعش” بقطع رأس زوجها على مرأى أطفالها عند هجومهم المشؤوم على المدينة، وها هي تحلّ في ضيافة أسرة محمود راشو، بعدما تحرروا من أسر “داعش” لهم، وتلفت جين إلى أن أكثر ما يثير الاشمئزاز والاستغراب في آن هو ممارسات العنف والتعذيب الوحشية التي تمارسها “الداعشيات” الأجنبيات، وتحديداً الفرنسيات منهن!.

لجنة البيت الأيزيدي

عند وصولهم إلى المناطق التي يتم نقلهم إليها تتمّ استضافتهم ودمجهم مع سكان المجتمع. يقول إلياس إبراهيم سيدو، عضو لجنة “ايزيدي هاوس” في المنطقة: “لا نريد أن نتركهم في المراكز أو المخيمات، بل يجب أن يحظوا بالرعاية التامة لإعادة التأهيل وتقديم الدعم النفسي لهم قبل عودتهم إلى سنجار”.

ويتابع إلياس، الذي يستضيف سعاد وجين ويبذل مع أسرته قصارى جهده لطمأنتهما، بالقول: “من الصعب معرفة قصصهم والعذابات المؤلمة  التي عانوا منها، ما نعرفه هو أنه وفقاً لقوانين “داعش” يمكنك أن تكون فريسة جنسية “للداعشي” من عمر 7 سنوات، أما سعاد وهي في سن الـ 15 فمن الصعوبة بمكان أدلجتها “داعشياً”، ذلك أنه يتمّ استيعاب إيديولوجية “داعش” بسهولة من قبل الأطفال الذين لا يتذكرون حتى أنهم إيزيديون”.

أثناء انتظار تنظيم عودتها، التي تبدو حتى الآن صعبة، تعيش جين مع مراهقين إيزيديين تمّ إطلاق سراحهم مؤخراً. يقول جليل، 15 عاماً: “أرادوا أن يجعلونا أشبال الخلافة، لقد تعلّمنا كيفية التعامل مع الأسلحة، وتمّ منحنا ألقاباً مختلفة، مثلاً تمّ منحي لقب “أنيس أبو خطاب”.

ويضيف جليل، الذي تمكّن من الهرب والنجاة من نير سيده: إن 80٪ من “أشبال الخلافة” هم من الشباب الايزيديين الذين اضطروا للقتال في صفوف “داعش” وماتوا أثناء المعارك.

لقد تمّ إنقاذ أكثر من 3000 ايزيدي منذ بداية تمدّد “داعش”، بما في ذلك نحو 60 امرأة وطفلاً في المعقل الأخير لـ”داعش” في قرية الباغوز. ومنذ ما يقرب من شهرين، كانت عمليات العودة إلى العراق سرية بسبب النزاعات الإقليمية بين القوات المعنية.

يقدّر إلياس عدد الايزيديين الذين ما زالوا عالقين في مخيم الباغوز بـ250، والإعلان الأسبوع الماضي عن اكتشاف مقبرة جماعية تحوي خمسين جثة مقطوعة الرأس لنساء ايزيديات، يُنذر بالسوء: “الأيزيديون الناجون سيكونون الدرع البشري الأخير لداعش”.