تحقيقاتصحيفة البعث

أكثر كفاءة!

 

رغم اختلاف ظروف الحياة من الناحية المعيشية الاقتصادية، والاجتماعية الأسروية التي نلخصها بعبارة “الظروف الاستثنائية”، إلا أن نظرة المجتمع لدخول المرأة مجالات عمل جديدة كانت في الماضي القريب حكراً على الرجال، لم تختلف من حيث التشكيك بقدراتها، واتهامها بشكل مباشر فيما يمس كرامتها وأنوثتها التي تصارع منذ زمن أكل التفاحة حتى هذه اللحظة، لتثبت أنها نصف المجتمع الذي كان ولايزال ضائعاً في زحمة التحديات والهموم، وخاضعاً لمفاهيم المجتمع الذكوري، وثقافة العيب التي تحلل كافة تصرفات الشاب، وتحرّم بل تصادر أبسط حقوق الفتاة في ممارسة دورها كشريك فعال متحرر من تسلّط تلك العقلية الذكورية التي تضعها دائماً في المرتبة الثانية، وتقيّد حريتها بمفهوم “يا سيدي”!.
طبعاً من يمر هذه الأيام من سوق ساروجة ويسمع نداءهن: “تفضل يا عيني، عنا اللقمة الطيبة”، يدرك تماماً حقيقة التغيير الجوهري في حياة المرأة السورية التي اقتحمت ميادين العمل، وأثبتت بشهادة المجتمع أنها أكثر كفاءة وديناميكية في العمل، فلم يعد دورها مقتصراً على الوظائف المكتبية والإدارية، بل تخطته ليكون لها حضور حقيقي في ساحة العمل المهني، وأصبحت مفصلاً مهماً من مفاصل الحياة، كما كانت الشريكة الحقيقية المتواجدة جنباً إلى جنب مع الرجل في المعامل والمؤسسات، غير آبهة بصعوبات العمل، وهذا الاعتراف ليس من قبيل المجاملة، بل توثّقه الكثير من الشواهد التي لم تتوان فيها عن الأعمال الميدانية أو المجهدة، فكانت المهندسة العاملة في مراكز التحويل، وفنية الكشف والتأشير، وعنصر الضابطة العدلية، وعاملة الإنتاج، والمديرة، وقبل ذلك كله الأم والمربية الفاضلة.
وما يثير الاستغراب عدم وجود حاضنة وراعية لحياة النساء السوريات اللواتي لم تمد لهن يد العون في هذه الآونة، واقتصر العمل على بعض المبادرات المتواضعة التي لا تتناسب مع واقع الظروف التي تتطلب تغيير واقع المرأة، سواء من ناحية الدعم، أو من ناحية التوجيه والإرشاد.
باختصار الرسالة التي نرغب بتوجيهها لكل فتاة تناضل في سبيل لقمة عيشها، والحفاظ على حياة أسرتها: “لا تشعري بالإحراج من أي عمل تقومين به لكسب الرزق طالما أنه لا يعكّر صفاء الحياة الاجتماعية، أو يخدش حياء الناس، بحيث تبقى أدبياته ضمن مظلة الحلال والقانون، وطالما أنه كاف لتجنب العوز والحاجة، وتحقيق السترة التي كانت ومازالت البوصلة المجتمعية التي توجه الكثير من الأماني والمطالب الأسرية”.

Basherf72@gmail.com