تحقيقاتصحيفة البعث

في ذكرى تأسيس الاتحاد القادري: تعميق حضور المنظمة في الأوساط العمالية ..والنقابات معنية بمكافحة الفساد

اتكأت الهموم والمطالب العمالية خلال العقود الماضية على حضور المنظمة النقابية ممثّلة بالاتحاد العام لنقابات العمال الذي أخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن الطبقة العاملة وحماية حقوقها، إلى جانب دوره الوطني الفاعل في صناعة الاستقلال، ومواجهة قوى الاستغلال والرجعية، وبناء دولة المؤسسات وبناها التحتية التي كانت عاملاً مهماً من عوامل الصمود والانتصار.
واليوم بعد حوالي تسع سنوات من الحرب الإرهابية، والصمود العمالي النقابي خلف خطوط الإنتاج لصنع مقومات الحياة، والوقوف إلى جانب الجيش العربي السوري في معركة السيادة التي دفعت الطبقة العاملة فيها أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح من أبنائها انضموا إلى قوافل شهداء الوطن، تستعد الحركة النقابية للبدء بمرحلة نضالية جديدة مع اقتراب الدورة السادسة والعشرين من نهايتها.

مرســــوم تثبيت العقود الســــنوية جاهز وقيد الصـــــدور
في أقرب فرصة وسيستفيد منه أكثر من 50 ألف عامل
إلى جانب العمال
جمال القادري، رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال قال: عملنا كاتحاد لنكون إلى جانب عمالنا، ونحن بالمحصلة طليعة متقدمة منهم، ونرصد معاناتهم وهواجسهم، ونسعى مع الجهات صاحبة القرار لتحقيق مطالبهم، وخلال السنوات الأربع الماضية من عمر الدورة السادسة والعشرين عملنا على مأسسة العمل في الاتحاد العام، وفي الاتحادات والمنظمات النقابية لتحقيق الهدف الأساسي المتمثّل بمصلحة العامل الذي تحمّل الكثير نتيجة الحرب العدوانية اللئيمة على بلدنا، ولذلك قدمنا المساعدات للشرائح الأشد فقراً حسب الإمكانيات المتاحة، خاصة أننا واجهنا معادلة شبه مستحيلة، ومتطلبات متزايدة جداً مقابل تناقص الموارد، فأحدثنا صندوقاً مركزياً للتكافل لصالح أسر شهداء العمال والجرحى لمنح إعانات مستدامة مادية بحسب إمكانيات الصندوق، وتقديم المساعدة لجميع حالات الاحتياج لأسر شهداء العمال والجرحى بمناسباتهم الاجتماعية والمعيشية كتقديم المساعدة لأبنائهم بالدخول إلى الجامعات، واستكمال علاج الجرحى، وكل ذلك من مواردنا الذاتية التي حددناها من كل موارد المنظمات النقابية في المحافظات.

استثمارات عمالية
ولفت القادري إلى أنه كان هناك عمل جاد لتأمين تمويل موارد مالية للاتحاد من خلال إنشاء استثمارات عمالية، ووحدة اقتصادية إنتاجية لإنتاج اللباس العمالي، ومطبعتين، وقد ساهم ذلك برفد المنظمة بالتمويل، ودعم صناديقها كصندوق دعم الأسرة العاملة الذي يتم العمل عليه ليعطي قروضاً صغيرة لدعم دخل الأسرة في شراء آلات ترفد دخلها، ويوجد في كل محافظة صندوق تكافل مركزي يقدم الإعانات لنهاية الخدمة بكل أشكالها من وفاة، واستشهاد، وإحالة على التقاعد، ولكل نقابة صندوق مساعدة اجتماعية.
وتابع القادري: كاتحاد عمال مسؤوليتنا ليست المطالبة فقط، بل يجب تقديم كل ما نستطيع لعمالنا لنصلّب صمودهم، ونحاول دائماً أن ندفع بشكل مركزي باتجاه هذه المسألة، وتقديم كل ما هو متاح لكل عامل، ففي بداية العام نستهدف بشكل خاص الشرائح الأشد احتياجاً من عمالنا، وفي بداية العام الدراسي قمنا بتوزيع حقائب مدرسية مع متمماتها، ويتم العمل الآن من قبل الاتحادات والنقابات على تنظيم دورات في المواد الأساسية لأبناء العمال في الشهادتين الإعدادية والثانوية كي نخفف عنهم عبئاً كبيراً مهما بلغت التكاليف، وقد بدأت هذه الدورات في كافة المحافظات، كذلك قررنا توزيع 50 مليون ليرة كمساعدات للعمال الأشد فقراً.

الهم المعيشي
وحول الواقع المعيشي، والحلول التي يعمل الاتحاد العام عليها بالتعاون مع الحكومة، قال القادري بنبرة واثقة: نسعى بشكل دائم من خلال الحوار لتحقيق زيادة في الرواتب والأجور لتضييق الفجوة بين الدخل والواقع المعيشي، وهي مطلب هام في ظل الظروف التي نعيشها، والتضخم الهائل الذي نعاني منه على وقع الحرب على الليرة السورية، والتي هي جزء من الحرب الاقتصادية، ونحن موعودون في الفترة القريبة عندما تتوافر الإمكانيات اللازمة لهذه الزيادة سنحصل عليها فوراً بكل تأكيد، وإلى أن يتحقق ذلك نحن متفقون مع رئاسة مجلس الوزراء على دراسة متممات الراتب: (الحوافز– طبيعة العمل– تعويض الاختصاص– الوجبة الغذائية الداعمة)، وكل العوامل التي تدعم الراتب تتم دراستها، ونحن في أعقاب هذه المؤتمرات لدينا لقاءات نوعية على مستوى قطاعي مع الوزراء لتبويب هذه القضايا ومعالجتها، وتمكنا من فتح سقوف الحوافز بالحوار مع المفاصل التنفيذية في المؤسسات المختلفة، وتمكنا من معالجة الكثير من القضايا رغم كل الظروف القاسية، ومنها الحصول على قرار برفع قيمة الوجبة الغذائية من 30 ليرة إلى 245 ليرة، لكن التطبيق مؤجل قليلاً لتتوفر السيولة.

أنسب الأوقات
وأشار القادري إلى أن صعوبة الظروف منعت الاتحاد العام من تحقيق كافة المطالب العمالية، وخاصة المصنفة في خانة المستعصية والقاسية التي ينتظر الوقت المناسب لمعالجتها، إلا أنه في الوقت ذاته أكد الاستجابة لبعضها، ومنها ما يتعلق بالعمال المياومين، حيث تم تحويل عقود 7500 عامل مياوم إلى عقود سنوية، وبقي بحدود 8000 عامل، وقال: اتفقنا مع رئيس مجلس الوزراء على إغلاق ملف العمالة المياومة بشكل كامل في العام الحالي، وبالنسبة لعمال العقود السنوية أوضح القادري بأن مرسوم تثبيتهم جاهز وقيد الصدور، وسيستفيد منه 50-60 ألف عامل، وأن موضوع القانون رقم 50 لعام 2004 وتعديلاته، أصبحت مسؤوليته منوطة بوزارة التنمية الإدارية، وذلك بعدما صدر القانون رقم 28 لعام 2018 الخاص بتحديد مهام وزارة التنمية الإدارية، مؤكداً أن العمل جار للوصول إلى وضع قانون عصري متطور يضمن حقوق وواجبات العامل، وحقوق رب العمل المتمثّل بالجهات الحكومية، وسيتضمن نظام المراتب الوظيفية، وكل ما كنا نطالب بوجوده في قانون العاملين الجديد، ريثما يصدر قانون الخدمة العامة.

الحرب على الفساد
وفيما يخص دور المنظمة النقابية في مشروع الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد، قال القادري: المنظمة النقابية وفق مواد قانون التنظيم النقابي رقم 84 معنية بمحاربة الفساد، ولها دور ومهمة مزدوجة، نعم نحن منظمة نقابية مطلبية تعنى بحقوق العمال، ولكن لنا وظيفة مهمة لا تقل أهمية هي دور الرقابة الشعبية، هذا الدور يجب أن نمارسه بكفاءة واقتدار، مع التنويه إلى أن الفاسد لا يستطيع الإشارة إلى الفساد، والمرتشي لا يستطيع أن يشير إلى المرتشين، يجب أن نحصن أنفسنا من هذه الآفة، ثم نشير إلى فساد الآخرين، وهذه مهمة وطنية وحزبية ونقابية، وعلى كل المستويات، حربنا مازالت قائمة، والأنين الذي نسمعه أنين محق، وعمالنا يعانون، وكل فقراء الوطن يعانون، لكن الحرب مازالت مستمرة وقائمة، وخاصة في الشق الاقتصادي.

حضور فاعل
وحول الحضور الدولي للاتحاد العام لنقابات العمال قال القادري: لنا مكانتنا وحضورنا، وكان لنا دور هام في توضيح حقيقة ما يجري في سورية، ولم ننقطع عن التواصل مع المنظمات النقابية الدولية، كنا نشارك بفاعلية، ونشرح بالصور والوثائق حقيقة ما يجري في سورية، وساهمنا في الاستدارة التي حصلت بالرأي العام العالمي لحقيقة ما جرى في سورية.
وأضاف: على الساحة الداخلية حققنا، رغم الظروف الصعبة والحصار الذي يشتد يوماً بعد يوم، ورغم ظروف الخزينة العامة وما تعانيه، ورغم التحديات التي تواجه العمل الحكومي، صموداً أسطورياً، وواصلنا الإنتاج والعمل في ظروف استثنائية، ونحن كعمال منذ اليوم الأول لهذه الحرب قلنا إننا إلى جانب الوطن، وإننا سنصمد، وقد صمدنا، وصمد عمالنا، وسنستمر في الصمود، ورغم كل الاستهداف الذي طال هؤلاء العمال، كنا حين يخرج الغوغائيون بالمظاهرات بالعشرات، كنا نملأ الساحات بمئات الآلاف، وهذا شيء معروف عن عمالنا، وحين اقتضى الأمر أن نواجه هؤلاء واجهناهم، وحين اقتضى الأمر أن نعود إلى معاملنا ومؤسساتنا وشركاتنا لننتج لأبناء شعبنا مستلزمات الحياة في ظل حصار اقتصادي خانق وعقوبات جائرة، عدنا كما كل شرائح مجتمعنا وشعبنا لنلعب دوراً أساسياً وحيوياً، وكان عمالنا أبطالاً فعلاً، فعندما توجهوا إلى معاملهم كانوا يعرفون حجم الاستهداف الذي ينتظرهم، وكان استهدافهم من قبل الإرهابيين بحجم دورهم في تصليب صمود الوطن.

عبء المواجهة
رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في رده على سؤالنا حول أحداث الميدان، وإمكانية أن يكون عام 2019 عام نهاية الحرب، استشهد برد السيد الرئيس بشار الأسد عندما سئل في لقائه مع قيادات المنظمات الشعبية متى تنتهي هذه الحرب، فأجاب سيادته حينها: “تنتهي هذه الحرب على سورية بجميع أنواعها عندما يشعر كل مواطن سوري بأن عبء مواجهة هذه الحرب يقع على مسؤوليته وحده”، لافتاً إلى أن الجميع معني بتصليب صمود الوطن، والإشارة للخطأ، والمساهمة بحشد كل الإمكانيات للتخفيف من آثار هذه الحرب، ووجه في نهاية حديثه تحية لعمال سورية، مؤكداً على وفائهم بعهدهم لقائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد بالدفاع عن بلدهم، وإعادة إعمارها، وقال: لن يحقق الأعداء سوى الهزيمة التي لاحقت عملاءهم وإرهابييهم في الميدان، ولن ينالوا من صمود شعبنا بالحصار الاقتصادي، أو بالمؤامرات السياسية.

بشير فرزان