الصفحة الاولىصحيفة البعث

بومبيو يحرّض على المقاومة.. وبيروت استقبلته بالتظاهرات

 

 

عشية الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، يتساءل مراقبون حول الدلالات التي يمكن أن تحملها، وهل هي مكمّلة لما حاول ترويجه مساعده ديفيد سترفيلد وقبله ديفيد هيل في بيروت، ولاسيما أن الموقف اللبناني الرسمي واضح إزاء أكثر من قضية سيثيرها الزائر الأميركي، ويجمع هؤلاء المراقبون على أن الزيارة تدور حول مجموعة مسائل منها العودة إلى تشكيل اصطفافات سياسية لمواجهة المقاومة على نحو ما كان قائماً أثناء حرب تموز 2006، والعمل على التضييق على حزب الله في الداخل، ومنعه من الحصول على وزارات سيادية في البلاد.
ولعل ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة سيكون من أبرز الملفات التي سيعيد بومبيو طرحها مع المسؤولين اللبنانيين، في محاولة لإعادة إحياء ما يسمّى خط هوف، وهو الخط الذي تمّ رسمه في عام 2012، عبر الموفد الأميركي فريدريك هوف.
هذا وأقامت القوى الوطنية والتقدمية اللبنانية وعدد من الفصائل الفلسطينية اعتصاماً في ساحة عوكر وعلى الطريق المؤدي إلى السفارة الأمريكية في بيروت احتجاجاً على زيارة بومبيو للبنان، وتنديداً بسياسات بلاده في العالم عموماً والمنطقة خصوصاً.
وقال الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في كلمة له: “إن الاعتصام أمام سفارة الولايات المتحدة في عوكر يأتي رفضاً لكل الإملاءات الأميركية على لبنان، التي تؤكد أن واشنطن رأس الإرهاب العالمي، الذي يجب مقاومته”، وأضاف: “إن الولايات المتحدة الأميركية عدوة الشعب اللبناني والراعي الأول للكيان الصهيوني وسفارتها في بيروت هي رمز العدوان والغطرسة الامبريالية”.
من جهته أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين علي فيصل أن المقاومة الفلسطينية ستستمر، وحق العودة سيبقى مطلباً رئيسياً لكل فلسطيني حتى العودة وجعل القدس عاصمة لفلسطين، مندّداً بسياسة الولايات المتحدة الأميركية بشأن القضية الفلسطينية والداعمة للكيان الصهيوني.
وفي السياق، أكد المحلل السياسي وسيم بزي أن “زيارة بومبيو تأتي تتويجاً لزيارات أميركية على مستويات عدة للبنان هذا العام بدءاً من زيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزف فوتيل في كانون الثاني الفائت، ومن ثم زيارة مسؤولين أميركيين كان أبرزهم الدبلوماسيان ديفيد هيل وديفيد سترفيلد، وكل تلك الزيارات كانت تهدف إلى تحريض واضح على المقاومة من خلال الضغط لمنع تولّي حزب الله وزارات وازنة على شاكلة وزارة الصحة، وكذلك تأكيد ما تسمّى العقوبات عليه، وضرورة التزام لبنان بها”.
ووفق ذلك، يرى بزي أن هدف واشنطن إعادة إحياء الاصطفافات اللبنانية السابقة لمواجهة المقاومة وتضييق الخناق عليها.
بيد أن اللافت أن واشنطن تتعامل بحذر مع الرئيس اللبناني ميشال عون، فالأخير لم يتراجع يوماً عن تثمينه دور المقاومة في تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك من الخطر الإرهابي، وكرر مواقفه الداعمة للمقاومة في أكثر من مناسبة.
أما قضية ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، فلا تزال محط خلاف كبير مع الولايات المتحدة، ولاسيما بعد رفض لبنان ما يسمّى خط هوف لترسيم الحدود البحرية، الذي يحرم بيروت من حقها في ثروتها النفطية والغازية، ولا سيما في البلوك رقم 9 المحاذي لفلسطين المحتلة.
وحسب بزي فإن الأميركيين ينظرون إلى رئاسة الجمهورية من منظار ما يعتبرونه  تموضعاً لعون إلى جانب المقاومة، وبالتالي تنظر إليه كحليف لحزب الله، ويضيف: “ووفق تلك المقاربة فإن واشنطن تحكم علاقتها بعون من هذا المنظار، والأمر عينه ينسحب على وزير الخارجية جبران باسيل الذي لم يقم بأي زيارة رسمية إلى واشنطن”.
أما في البعد الإقليمي لزيارة بومبيو، فيرى بزّي أنها تأتي ضمن السياق التصعيدي لواشنطن في ظل المتغيّرات في أكثر من ميدان، وبالتالي يمكن وضعها في إطار التعويض من خلال الصخب الدبلوماسي والحرص على الإفادة من ساحة بيروت بما تستقطبه من اهتمام إعلامي.
إلى ذلك، دعت هيئة التنسيق للقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، إثر اجتماعها أمس، الحكومة اللبنانية والمسؤولين الذين سيلتقون مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، إلى رفض الضغوط والإملاءات التي يحملها في جعبته، ومطالبته باحترام سيادة واستقلال لبنان، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وتعريض أمنه واستقراره ومصالحه الوطنية لأي ضرر أو أذى.
وأكدت الهيئة، أن الوزير الأميركي لا يزور لبنان من أجل دعمه في حل أزماته الاقتصادية والخدماتية أو تمكينه من استعادة أرضه المحتلة، والحفاظ على ثرواته، وإنما لأجل ممارسة الضغوط على المسؤولين اللبنانيين كي يقبلوا بما تريده واشنطن من تضييق وتشديد للحصار على حزب الله المقاوم، خدمة لكيان العدو الصهيوني، وكذلك محاولة دفع لبنان إلى التخلي عن جزء من حقوقه في حدوده البرية والبحرية بما يمكّن العدو الصهيوني من تحقيق أطماعه في أراضي وثروات لبنان من نفط وغاز، ولفتت إلى أن الحرص على السيادة والاستقلال الوطني والحفاظ على حقوق لبنان إنما يتجسّد في رفض هذه الإملاءات الأميركية وإبلاغ بومبيو أن المقاومة التي حرّرت الأرض من المحتل الصهيوني، وتحمي لبنان واللبنانيين من العدوانية والأطماع الصهيونية، إنما هي شرف وعزة وكرامة لبنان، وليس مسموحاً التعرّض لها أو مسّها بكلمة سوء من أي زائر يأتي إلى لبنان.