تحقيقاتصحيفة البعث

مع تجاوب الناس تنظيم المجموعات السياحية عبر وسائل التواصل الاجتماعي يضع أداء وزارة السياحة على المحك!

 

استطاع بعض الأشخاص والمجموعات النشطة اقتناص فرصة انتشار الحالة الأمنية، وتحرير معظم المناطق السورية، وعودتها إلى حياتها الطبيعية، وفتح معظم الطرقات بين البلدات والمحافظات، وتنشيط الرحلات الداخلية والخارجية، وتنظيمها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر الإعلانات والدعايات عبر الفيس بوك، وللأمانة علينا الاعتراف بأن هذه المجموعات كانت السبّاقة لإعادة تحريك السياحة الداخلية والخارجية لبعض المناطق المجاورة بأسلوب حضاري متميز أخذ صدى واسعاً بين فئة الشباب وطلاب الجامعات، حيث وجدوا لهم متنفساً جديداً للقيام بنشاطات ورحلات ترفيهية في ظل الانغلاق الذي نعيشه حالياً، ورغم أن من يقيمون هذه الرحلات لا يملكون الخبرة الكافية، إلا أنهم قدموا عروضاً متكاملة تتضمن حجزاً فندقياً، وزيارات مختلفة لبعض المناطق، وحفلات مسائية، بالإضافة إلى وجبات الطعام، ولعل أكثر ما يميز تلك الرحلات انخفاض الأسعار وكأنها مدروسة بطريقة أكاديمية محترفة، فهي مشجعة ومناسبة لكل فئات المجتمع، وربما هذا هو السبب الرئيسي الذي دفع الكثيرين للتجاوب معهم، وارتفاع نسبة المشتركين فيها.

جهود فردية
بعفوية مطلقة ونوايا حسنة انطلقت هذه المجموعات السياحية في عملها، وانتزعت الدور الذي كان الأولى أن تبادر به وزارة السياحة، فكانت أكثر مرونة وتفاعلاً في عملها بعكس عمل الجهات الحكومية، فالسيدة مها السيد، طالبة جامعية في كلية الحقوق، تعمل على تنظيم هذه الرحلات، حيث يتم الاتفاق مع الفنادق والمطاعم لاستقبال عدد من الزائرين، وتنظيم بعض النشاطات خلال الرحلة كالحفلات، وزيارة أماكن تاريخية أو طبيعية، والتعاقد مع سائقين للالتزام بمواعيد برنامج الرحلة بالكامل، وتضيف السيد: لدينا خطط سياحية كثيرة نرغب بتنفيذها كزيارة أكبر عدد من المحافظات السورية، وتحديد المناطق السياحية، والجمالية، والتراثية فيها، وحالياً نقوم برحلات إلى بلودان، والزبداني، ومضايا، وهي مناطق تستهدف من أجل التسوق والاستمتاع بمرتفعاتها في جميع الفصول، لأنها تتميز بطبيعة متميزة وساحرة في كل الأوقات، ونحن نعمل على الاتفاق مع المطاعم، وتنظيم جلسات الغداء أو العشاء.

غطاء شرعي
تمكنت هذه المبادرات من الإضاءة على مناطق داخلية عديدة في سورية لم تكن معروفة سابقاً، واستخدمت تقنيات الاتصال للوصول إلى أوسع شريحة في المجتمع، ولم تكن لها أية نتائج سلبية خلال عملها، لكنها افتقدت الجانب الرسمي والقانوني في عملها، ورغم تفوقها في هذا النشاط السياحي على الجهات الرسمية، إلا أن عملها يبقى في إطار العفوية والارتجال، وخارج الغطاء الشرعي، ولا يخفي مدير الرقابة والجودة السياحية زياد البلخي علم وزارة السياحة بأمر المجموعات التي تنظم من قبل جهات غير رسمية، وأن هذه الظاهرة موجودة حقاً، إلا أن معظمها ناتج عن عدم وعي ودراية الشخص المخالف بأن نشاطه مخالف للأنظمة والقوانين، وأحياناً بسبب طمع بعض الأشخاص، ورغبتهم بالعمل السياحي دون تكلّفهم عناء القيام بالإجراءات القانونية أصولاً، فهذا النوع من الأنشطة يتطلب وجود كادر مؤهل، ومقرات خاصة، بالإضافة إلى التراخيص، وهي بدورها تستوجب بعض الوقت والتكلفة، ويذكر البلخي بأن الوزارة عملت على تبسيط إجراءات الحصول على التراخيص، وإعطائها تسهيلات كثيرة لتشجيع الراغبين بترخيص ليس فقط مكاتب سياحية وسفر، وإنما جميع النشاطات السياحية من مطاعم، وفنادق، وغيرها، كما أصدرت الوزارة القانون رقم 2/2009 الذي ينظم عمل مواقع العمل السياحي التي تعمل في مجال تنظيم الرحلات الداخلية والخارجية، والحج والعمرة، وقطع التذاكر، وحددتها ضمن مؤسسة، أو وكالة، أو مكتب، أو شركة، ولكل منها اختصاص ومجال عمل محدد لا يمكن أن تتعداه إلى نشاط آخر.

إغلاقات وغرامات
تقوم الوزارة عن طريق الضابطة العدلية فيها بمراقبة ما تستطيع الوصول إليه من مواقع التواصل الاجتماعي لتلك المجموعات التي تقوم بالإعلان عن تنظيم وتسيير رحلات سياحية داخل وخارج القطر دون الحصول على ترخيص أو موافقة وزارة السياحة، وأحياناً يتم ضبط تلك المجموعات عن طريق بعض الشكاوى التي ترد إلى الوزارة ، وبحسب البلخي يقوم عناصر الضابطة العدلية بمتابعة هذه المواقع، وتنظيم الضبوط اللازمة طبقاً للقانون رقم 2/2009 وتعليماته التنفيذية أصولاً، ومن ثم تحويلها إلى القضاء المختص، مع اقتراح العقوبة اللازمة التي تشمل إغلاق موقع العمل غير المرخص لفترة مؤقتة تصل إلى 15 يوماً، بالإضافة إلى الغرامة المالية للمرة الأولى، مع أخذ تعهد خطي مسجل عند الكاتب بالعدل من قبل الشاكي يتعهد فيه بعدم تكرار المخالفة، وعدم مزاولة أي نشاط سياحي قبل الحصول على التراخيص اللازمة، وموافقة الوزارة أصولاً تحت طائلة تطبيق العقوبة الأشد، وقد تم تنظيم عدة ضبوط مشابهة مؤخراً لعدة أشخاص ومكاتب مخالفة بعد متابعة إعلاناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أو بناء على شكوى واردة إلى وزارة السياحة.

موقف وزاري
إن عمل الأشخاص الذين ينظمون تلك الرحلات غير المرخص لها سياحياً لا يمكن من خلاله إيجاد ضمانات لحماية الأشخاص المشاركين بها بسبب عدم خبرتهم الكافية بالإجراءات الفنية والقانونية لهذا العمل، وعدم التزام الأشخاص بمعايير العمل السياحي، وعدم التأمين والالتزام ببرامج الرحلات المعلن عنها، ما يسبب العديد من الإشكالات، ولهذا السبب فإن الوزارة تعمل جاهدة لوقف مثل هذه الظواهر، وتدعو المواطنين لعدم المشاركة في أية رحلات إذا لم يقم بتنظيمها مكتب مرخص أصولاً.. إن مجمل القوانين والقرارات الناظمة لعمل هذه المنشآت، بما يخص العمل، والأسعار، وتطبيق المعايير الضرورية لسلاسة العمل السياحي، تحمي من حدوث مخالفات، منها القانون رقم 2 الناظم لعمل مواقع العمل السياحي، ومنها المعنية بتنظيم رحلات السياحة الداخلية، وأيضاً قرارات الأسعار الخاصة بالفنادق: القرار رقم 500/5005، وقرار الأسعار الخاص بمنشآت الإطعام رقم 2600 لعام/2016، والمرسومان التشريعيان رقم 198و1457، ويضيف مدير الرقابة والجودة بأنه من خلال الضابطة العدلية المركزية في مديرية الجودة والرقابة السياحية، والضابطة العدلية في مديريات السياحة في المحافظات، يتم إجراء جولات رقابية دورية ووقائية على جميع تلك المنشآت، وضبط المخالفات، وتوعية أصحابها للقيام بكل ضروري لتفادي تكرارها، ولتحسين أدائهم وجودة الخدمة المقدمة من قبلهم، بالإضافة إلى معالجة الشكاوى عن طريق الرقم الثلاثي الخاص بتلقي الشكاوى 137، والأرقام الأخرى الموجودة في كل مديرية في المحافظات، وتعمل الوزارة لترخيص المكاتب التي تقوم بهذه الرحلات، ومراقبة جودة ومستوى الخدمات المقدمة فيها، أيضاً تجدر الإشارة إلى أن الوزارة قامت في فترات سابقة عن طريق التدخل الإيجابي من قبل الشركة السورية للنقل والسياحة بتنظيم رحلات داخلية ساهمت في تطوير نوع الرحلات السياحية الداخلية، ومستوى الخدمات المقدمة فيها، وخلق جو إيجابي من التنافس.

ميادة حسن