اقتصادزواياصحيفة البعث

نشك.. والأيام ستحكم؟!

كم نحتاج من الوقت بعد..؟! كي “يكحل” العاملون في القطاع العام عيونهم، وتهدأ خواطرهم، وتستقر أوجاعهم وأوضاعهم، ويعرفون ما لهم وما عليهم، ويعلمون ما المعايير التي تضبط ترفُّعهم الوظيفي، وتحديداً ترفُّع المتميز والأكفأ والأجدر منهم لتقلد هذا المنصب أو ذاك..؟! هذا على الصعيد القانوني والإداري، أما على الصعيد المادي فيبدو أن الموضوع لا يزال في طور السبات إن لم نقل النسيان لأجل غير معلوم..!
هذه هي وبالمختصر الشديد جداً، هموم وشجون الوظيفة العامة في سورية، بعد أن شهدت ما شهدته من تشوهات واختلالات بنيوية: قانونية وإدارية ومالية، كادت تذهب بما تبقى من مفهوم الوظيفة العامة في سورية..!
وللعلم سؤالنا حول الزمن اللازم لإنهاء هذه المعضلة الخطرة بكل معنى الكلمة، مرده ما كانت سعت إليه وزارة التنمية الإدارية من فتح لحوار وصفته بالموسع على مستوى الجهات العامة والنقابات والأحزاب السياسية وكافة شرائح المجتمع حول تحديث قانون العاملين الأساسي رقم 50 للعام 2004 وتطوير بنية الوظيفة العامة.
لأجل ما سبق كانت عقدت قبل نحو سبعة أشهر وتحديداً بتاريخ 4- 10-2018، ملتقى حوارياً بعنوان “تحديث بنية الوظيفة العامة في سورية”، بالتنسيق مع الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء، ووزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والمالية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، بهدف التعريف بالمفاهيم الرئيسية للوظيفة العامة، وطرح رؤية لتطوير قانون العاملين الأساسي، ومناقشة نظام المراتب الوظيفية، وإلقاء الضوء على مدونات السلوك الوظيفي، وأهمية صدورها وجعلها ملزمة للعاملين في الجهات العامة.
يومها بررت وزيرة التنمية ما يتم بأنه يأتي ضمن رؤية البرنامج الوطني للإصلاح الإداري الخاصة بتطوير الوظيفة العامة، لتكون قادرة على الاستجابة المثلى لمتطلبات الإصلاح الإداري واستحقاقات العمل في مرحلة إعادة الإعمار.
ما استوقفنا يومها كان ما نوهت إليه، وهو أنه سيتم الاستعاضة عن قانون العاملين الأساسي، بأربعة قوانين هي: الخدمة العامة، وإدارة الموارد البشرية، والتنظيم المؤسساتي، ومبادئ وقيم الوظيفة العامة “مدونة السلوك”.
أما الأهم فهو توضيحها بأن مجمل تلك القوانين ستحدد هوية الوظيفة العامة، ونظام المراتب الوظيفية، والقواعد الناظمة للخدمة العامة، وأسس أنظمة العمل والعاملين بالقطاع الاقتصادي والإنتاجي والصناعي والخدمي والزراعي وغيرها، إضافة إلى تحديث سلالم الأجور والحوافز والتعويضات، وقواعد إدارة الموارد البشرية، وحقوق وواجبات العاملين الوظيفية، ومعايير تقييم الأداء والتدريب، وأسس إحداث الجهات العامة وقواعد التنظيم المؤسساتي.
ولكون الشيء بالشيء يذكر، ها هو مجلس الوزراء يطالعنا قبل أمس وبعد تلك المدة، وما سبقها من سنوات طوال في التقليب والتمحيص لـ”العاملين الأساسي” على أمل التعديل اليوم وغداً، بإقرار”الوثيقة الوطنية لتحديث بنية الخدمة العامة” في سورية التي أعدتها وزارة التنمية، كأحد المكونات الأساسية للمشروع الوطني للإصلاح الإداري بهدف تطوير الوظيفة العامة، وتحديد نظام المراتب المتعلقة بها وضبط سلوكياتها بما يتلاءم مع دورها المستقبلي.
ما يقلقنا فيما أوردناه حقيقة، كلمة “وثيقة” لارتباط هذه الكلمة بكلمة أرشيف، إذاً ماذا يعني أن نقر وثيقة..؟! في الوقت الذي ننتظر وتنتظر المرحلة وينتظر الاقتصاد الوطني، قانوناً معدلاً أو جديداً لـ”الوظيفة العامة”، جامعاً شاملاً لكل ما كان ذُكر وطُرح واستفيض في مناقشته ودراسته، على مدار أعوام عديدة، ليتمخض “الأساسي” عن وثيقة..!
خلاصة الكلام… كان يكفي العودة لمفاهيم وقوانين ودراسات خاصة بموضوع “العمل ومفهوم الوظيفة العامة” في المراجع الأكاديمية: الإدارية والقانونية والمالية الدولية، ولما هو مطبق سابقاً وحالياً في العديد من الدول المتقدمة وغيرها، لنجد أن كل ما هدر من أجله زمناً وجهداً وفوات منفعة، وفوق ذلك دفع لنفقات لقاءات ومؤتمرات وندوات ودراسة واستشارات، متاح وموجود..!
والسؤال الختام: هل يحتاج “الوليد” ونقصد “قانون العاملين الأساسي”، كل هذا..!؟ وهل في تجزئته إلى أربعة قوانين، نصل إلى ما تبتغيه “الوظيفة العامة” من مكانة وتمكن..؟! نشك ولأسباب كثيرة.. والأيام ستحكم..!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com