أخبارزواياصحيفة البعث

 العرب على مفترق طرق!!..

 

د. مهدي دخل الله

لا شك في أن العالم بكامله يمر في مرحلة تاريخية تنتقل به الى واقع جديد.. أما العرب فهم بشكل أو بآخر مركز هذا التحول… لكنه المركز المأمور وليس الآمر!..

لماذا وصل العرب الى هذا الحد من الضعف؟؟..

هناك رأيان متناقضان في تفسير هذه الظاهرة، وكل قارئ حر بما يختار:

-الرأي الأول يقول إن العرب الذين خرجوا من عصر«الانحطاط العثماني» وجدوا أنفسهم فوراً في حضن قوى استعمارية متطورة لا ترحم. وأن هذه التحديات الموضوعية كانت أقوى منهم خاصة أن التطور العلمي عندهم توقف منذ القرن السادس عشر وبداية الحكم العثماني.. لذلك إن كل مانراه اليوم من تمزق وضعف هو أمر طبيعي ولا يجوز أن نجلد أنفسنا أكثر من اللازم، فالأمة اليونانية والرومانية وغيرها من الأمم العريقة تقلص نفوذها بحكم التطور الموضوعي للأحداث..

ويذهب المغالون في هذا الرأي الى القول إن العرب في هذه الظروف القاسية نجحوا الى حد كبير في الحفاظ على وحدة ثقافتهم ووعيهم القومي بدليل أن العُماني في أقصى المشرق يقر أنه عربي كالمغربي في أقصى المغرب. لا بل إن اللغة العربية تنتشر في العالم بسرعة، وهي إحدى اللغات الست الكبرى الرسمية في الأمم المتحدة.

يؤكد هؤلاء أن العرب لو استسلموا إلى الظروف القاهرة لكانوا تخلوا عن روابط الوعي والثقافة بين أبنائهم. ويقولون إن الأرض العربية بحكم موقعها المتوسط في العالم مطلوبة لكل قوى الهيمنة من المغول والتتار وحتى بريطانيا وأمريكا..أضف الى ذلك ثروات النفط والغاز. لذا فإن نجاحهم في الحفاظ على الوعي القومي، في إطار هذا التكالب القاهر عليهم ، يُعد معجزة كاملة..

– الرأي الثاني يؤكد العكس.. أن ضعف العرب ذو مصدر ذاتي وأنهم كان عليهم استغلال ثرواتهم وموقعهم المدلل جغرافياً وجيوسياسياً كي يسودوا ويفرضوا رأيهم على العالم…

أي رأي يحمل من الصواب أكثر من الآخر؟؟..الرأي الأول.. التبريري، أم الثاني.. النقدي؟ ليس مهماً مادام الرأيان يقفان عند وصف الحالة.. تبريراً أو نقداً. المهم هو الانتقال إلى الجواب على السؤال الكبير: ما العمل؟؟.. فمعرفة طريق الخلاص أكثر أهمية من وصف الحالة وتفسيرها. المشكلة الحقيقية هي أن العرب لا زالوا يعيشون في الماضي ويبكون على أطلاله لدرجة أنك تكاد تعتقد بأن هارون الرشيد أوالمأمون قد يطرق بابنا يوماً ليتناول العشاء معنا..

النظر الى الخلف ضار إلا إذا كان فيه تعزيز للوعي. فعند مفترق الطرق التاريخي لا بديل عن النظر الى الأمام…

mahdidakhlala@gmail.com