اقتصادزواياصحيفة البعث

ثلاثية تنموية

 

تمخض سيل اجتماعات الرواق الحكومي عن مسارات ثلاثة على غاية من الأهمية، وإذا ما تم اعتمادها وتكريسها كنهج لا حياد عنه، فسنحصد نتائج أكثر من المتوقع..

أولها “برنامج إحلال المستوردات”، الذي بدأت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بتنفيذه عبر التواصل مع المستثمرين، وعرض المشاريع المزمع توطينها لتضييق بوابة الاستيراد.

ثانيها “الحملة الوطنية لمكافحة التهريب” وما يعول عليها لحماية الإنتاج المحلي، وضغط النفقات وترشيد الاستهلاك بشكل أو بآخر.

أما ثالثها فهو ما قررته الحكومة أمس الأول بـ”حصر تمويل المستوردات بمدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي”؛ ما ينعكس بالنتيجة على تفعيل الحركة الإنتاجية، ويؤمل أن يأخذ طريقه للتطبيق.

وإذا ما تم استمرار العمل بجدية على هذه المسارات فإنها ستتلاقى عند نقاط تنموية عدة؛ أبرزها توسيع دائرة الإنتاج، وتحريك مؤشر الميزان التجاري باتجاه الصادرات، وتوفير القطع الأجنبي، لينعكس هذا كله بالنتيجة على تحسين الوضع الاقتصادي كله المعيشي والخدمي.

وعلى اعتبار أن ما يواجهه الاقتصاد السوري من تحديات هو ما دفع باتجاه هذه المسارات، فإن هذا يضاعف مسؤولية الاضطلاع بها لضمان تحقيق المرجو والمطلوب، وذلك من خلال صقل وتأهيل المفاصل التنفيذية المعنية بالتطبيق، فمثلاً على وزارة الاقتصاد المواءمة التامة بين ما تطرحه من مشاريع لإحلال المستوردات وبين الجادين باستثمارها، وأن تنسق مع وزارتي الزراعة والصناعة لجدولة أولويات تمويل مدخلات الإنتاج، وعلى المديرية العامة للجمارك إقصاء أي مرتكب محتمل كي لا تشوه الحملة الوطنية المكلفة بها.

وليكون النجاح نصيباً لهذه الاستراتيجية يفترض بالحكومة تقديم تسهيلات تمويلية وإجرائية تشجيعية من جهة، ويفترض بقطاع الأعمال تحمل مسؤولياته بهذا الشأن، والتجاوب مع المتطلبات الاستثمارية للمرحلة، وتوظيف أمواله بالقطاع الإنتاجي من جهة ثانية، فالمسؤولية بالنهاية مشتركة، وكل حسب موقعه وصلاحيته، وإلا فإن القادم قد يكون أسوء على الجميع..!

إذاً هي مسارات صحيحة تسجل لأصحاب القرار، ونعتقد أن اتخاذهم لها سبيلاً للخلاص ينبع من كونها كفيلة بتحقيق اكتفاء ذاتي نسبي يمهد الطريق لامتلاك أوراق اقتصادية رابحة تشد من أزر الاقتصاد، وتمتن أواصره، وترفع بالنهاية بوجه أية عقوبات محتملة.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com